بعد جريمة زنارة في المنوفية.. حكم قتل الزوجة للشك في سلوكها أو بدافع الشرف
حالة من الحزن خيمت على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، بعد جريمة زنارة في المنوفية، والتي قتل على إثرها سيدة ونجلها قتلا على يد زوجها بزعم الشك في سلوكها، ووسط هذا الحزن يتساءل الكثيرون عن الحكم الشرعي لجرائم ما يسمى بالشرف أو الشك في السلوك وهو ما نوضحه في التقرير التالي.
أهالي المنوفية يودعون ضحايا جريمة زنارة لمثواهم الأخير
شيع المئات من أهالى قرية كفر جنزور التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، جنازة سيدة ونجاحها قتلهما الزوج ذبحا، داخل منزلهم بدعوى الشك فى سلوكها، وسط حزن كبير خيم على أهالى القرية والقرى المجاورة، حيث خرجت الجنازة من مسجد المقابر وسط حزن كبير من جموع المشيعين، ووسط تكرار تلك الحوادث يتساءل الكثيرون عن الحكم الشرعي لجرائم القتل بدافع الشرف.
تقول دار الإفتاء الأردنية في معرض حديثها عن جرائم القتل بدافع الشرف، إن الإسلام حرم قتل النفس الإنسانية بغير حق، وجعله من أعظم الجرائم وأكبر الكبائر، قال الله عز وجل: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء /93، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) البخاري.
ونبهت أن النفس الإنسانية في الإسلام معصومة، وحفظها من الضروريات الخمس الواجب رعايتها وصيانتها، قال الله تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة /32، مشيرة إلى أن كل هذه الأصول اليقينية تعني أنه لو ثبتت جريمة الزنا على غير المحصن –ذكراً أو أنثى- فلا يُحَد بالقتل باتفاق الفقهاء، وكل من يعتدي عليه بقتله، فقد وقع في جريمة إزهاق النفس بغير وجه حق، ولم يقِم حدًا ولا شرعًا.
أما إذا كانت تهمة الزنا موجهة للمحصن، فالأحكام الشرعية في الإسلام تبنى على اليقين وغلبة الظن المبني على الأدلة الواضحة، ولا تبنى الأحكام على الشك والوهم، فالزنا لا يقام حده حتى يثبت يقينا بأحد أمرين:
الأول: البينة، وهي أربعة شهود يشهدون شهادة بينة واضحة لا لبس فيها تتفق بالتفاصيل الدقيقة للجريمة -وهذا ما لم يحصل فيما نعلم في تاريخ الإسلام؛ لأنه شبه مستحيل- فإن لم يفعل الشهود ذلك بأن اضطربت شهادتهم أو نقص عددهم عن الأربعة، طبق عليهم حد القذف؛ لإساءتهم لسمعة المشهود عليه، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور /4.
والثاني: الإقرار، وهو أن يقر المتهم على نفسه أربع مرات متفرقات أمام القاضي بفعل الزنا، وعلى القاضي في كل مرة أن يلقنه الرجوع عن إقراره.
وقالت: إذا تحدثنا عن الشهادة والإقرار؛ فإنه يلزم من ذلك أننا نتحدث عن قضاء ومحاكمة عادلة، وهذا من أهم حقوق الإنسان، فإثبات الجرائم والحدود وتنفيذها من سلطات القاضي لا الأفراد، حتى لو كانوا من أقرب الناس.
سفك الدم الحرام.. الحكم الشرعي لـ قتل الزوجة شكًا في سلوكها بعد جريمة المنوفية
أما الشك في سلوك الشخص، أو الاشتباه به، فلا يعتبر دليلاً أو حجة على أنه قام بجريمة الزنا، بل على العكس؛ لأن الشك يفسر لصالح المتهم، والأصل براءة الإنسان من هذه الجريمة، ولا بد من إقامة الدليل الواضح على خلاف الأصل، والبراءة هي اليقين، وهو لا يزول بالشك؛ ومعلوم أن الحدود تُدرأ بالشبهات، قال عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ : "لأن أعطلَ الحدودَ بالشبهاتِ، أحبُّ إليَّ من أن أُقيمَها بالشبهاتِ" [الاستذكار لابن عبد البر 8 /13]
وقالت إن ما يسمى بـ "جرائم الشرف" واحدة من أبشع الجرائم التي تنتشر في المجتمعات اليوم، يظن القاتل أنه من خلالها يُطهر عن نفسه العار والمذمة، ولا يدري أنه يرتكب ما هو أخطر وأكبر، وهو سفك الدم الحرام، الذي يزيد فساده على فساد أي جريمة أخرى، وأنه بذلك يستوجب على نفسه القصاص في قول كثير من الفقهاء؛ لاعتدائه على نفس معصومة لم تقم البينة قضاءً على زوال عصمتها، ولأن القاتل تقحَّم ما لا شأن له به بتوليّه إنزال العقوبة بنفسه، والأصل في بلاد المسلمين أن يتولى القضاة النظر في مثل هذه القضايا، كي يستتب الأمن، وتستقر المجتمعات، ويقوم كل بما عليه من واجبات، وينال ما له من حقوق.
وشددت على أن قيام الشخص بقتل قريبته بدعوى حماية الشرف وصيانة العرض، فعل محرم شرعاً، وجريمة يجب أن يحاسب القاتل عليها، وأن لا تكون القرابة أو الشك عذراً مخففا له؛ لأن الأحكام لا تثبت بالشك، ولأن القضاء هو من يتولى إصدار الأحكام ويتابع تنفيذها لا الأفراد.
قتل المرأة بدافع العرض أو الشرف.. ماذا قال الشرع عن مجرم المنوفية؟
من جانبه، قال الشيخ أبو اليزيد سلامة الباحث الشرعى بهيئة كبار العلماء، إنه لا يحل للإنسان أن يعتدى على الآخر بسبب وقوعه في ذنب معين لأنه غير مكلف بذلك ففي هذه الحالة يوكل الأمر إلى القضاء ويحكم القضاء في هذه الحالة بما شرع الله سبحانه وتعالى.
وأوضح خلال إجابته على سؤال “حكم قتل المرأة بدافع العرض أو الشرف”عبر البث المباشر لبرنامج “فتاوى الأزهر” عبر الصفحة الرسمية لموقع الأزهر الشريف على موقع الفيس بوك أنه يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه أولا قبل أن يحاسب غيره فعلى الأخ أو الزوج أو أيا كان أن يسأل نفسه ما السبب في وصول أخته او زوجته أو المرأة التى يعولها الي هذا الفعل سيجد نفسه مقصرًا.
وأضاف أن الأخ أو الزوج أو أيًا كان أخطأ في حق المرأة مرتين أو لا عندما لم يرعاها بالشكل الكافي فوقعت في هذا الخطأ ثانيهما أنه اعتدى عليها عندما اخطأت، فهو لم يعتد لأنها أخطأت ولكنه فعل ذلك ليداري على تقصيره هو .





