عاجل

هل يجوز إجبار الوالدين أبناءهم على دخول كلية معينة؟.. أزهري يوضح| خاص

عبده الأزهري
عبده الأزهري

أثارت مسألة اختيار الأبناء لتخصصاتهم الدراسية جدلًا متكررًا بين الأسر، حيث يرغب بعض الآباء في فرض كلية معينة على أبنائهم بدعوى مصلحتهم أو رغبتهم في مستقبل محدد لهم، وهو ما يطرح سؤالًا مهمًا: هل يحق للوالدين شرعًا إجبار الابن أو البنت على اختيار دخول كلية معينة؟

حكم إجبار الأبناء على دخول كلية معينة

وأوضح الشيخ عبده الأزهري من علماء الأزهر الشريف أن  العلماء أن الأصل في بر الوالدين وطاعتهما أنهما واجبان، لكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف، أي بما فيه خير وصلاح ولا يتعارض مع حق الابن في اختيار مستقبله. أما الأمور التي تدخل في نطاق المباحات، كاختيار الكلية أو التخصص الدراسي، فهي من شؤون الشخص نفسه، ولا يلزم الابن أن يطيع والديه فيها، لأنه أدرى بقدراته وميوله.

وأضاف الأزهري في تصريح خاص لنيوز رووم : عن مسألة عقوق الوالدين ، فقد شدد الفقهاء على أن العقوق يكون بالإساءة إلى الوالدين أو ترك برّهما ورعايتهما، كالهجر والسب والتقصير في حقهما. بينما مجرد اختيار تخصص دراسي يخالف رغبة الوالدين لا يُعد عقوقًا شرعًا، شرط أن يتم الأمر بأدب ولطف وحوار هادئ، مع الحرص على شرح وجهة النظر ومحاولة إرضائهما قدر المستطاع.

وقد نُقل عن الإمام أحمد قوله: “يُطاع الوالدان في كل ما كان طاعة، ولا طاعة لهما في المعصية، وما لم يكن معصية فهو على الاستحباب”، أي أن طاعتهما في الأمور المباحة مستحبة إن لم يترتب عليها ضرر على الابن.

وبذلك، يؤكد الفقه الإسلامي أن حق الوالدين في الطاعة عظيم، لكن لا يصل إلى حد إلزام الابن باختيار مستقبله الدراسي، مع ضرورة الحفاظ على البر والاحترام في التعامل معهما

بر الوالدين في الإسلام

أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ببر الوالدين والإحسان إليهما في آيات كثيرة من القرآن الكريم، فجعل حقهما مقرونًا بحقه سبحانه. قال جل شأنه:
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۝ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24].

ولعِظم مكانتهما قرن الله طاعتهما بعبادته فقال: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: 36]، كما قرن شكرهما بشكره في قوله تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: 14]. بل أمر بمصاحبتهما بالمعروف حتى لو حملا ولدهما على الكفر به سبحانه، فقال: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15].

وقد أثنى الله على أنبيائه ببر الوالدين، فقال في وصف يحيى عليه السلام: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14].

واتفق الفقهاء على أن بر الوالدين فرض عين على كل مسلم، لا يسقط عن أحد ولا يُؤدى بالنيابة عن غيره. قال ابن مازه البخاري الحنفي في المحيط البرهاني (5/ 386): “طاعة الوالدين وبرّهما فرض خاص لا يقوم فيه أحد عن أحد”. وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في الرسالة (ص: 153): “ومن الفرائض بر الوالدين وإن كانا فاسقين أو مشركين، فيلين لهما القول ويعاشرهما بالمعروف، ولا يطيعهما في المعصية”. وقال النووي الشافعي في المجموع: “وبر الوالدين فرض متعين على الولد”. وجاء عن ابن قدامة الحنبلي في المغني : “بر الوالدين فرض عين”.

فدلّ ذلك على أن بر الوالدين عبادة عظيمة، وواجب مؤكد لا يسقط في أي حال، بل يُطلب من المسلم الإحسان إليهما بالقول والعمل، مع اجتناب كل ما فيه عقوق أو أذى

تم نسخ الرابط