هل يجوز بيع الذهب المصوغ بالتقسيط؟.. دار الإفتاء توضح

قالت دار الإفتاء يجوز في الشريعة بيع الذهب المصوغ بالتقسيط، إذ إن الصياغة أخرجته من طبيعته كأثمان، وجعلته في حكم السلع التجارية، فيسري عليه ما يسري على سائر المبيعات التي يصح بيعها نقدًا أو بالأجل.
جاء النهي النبوي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مؤجَّلًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُفَضِّلُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ» رواه البخاري، وذلك بسبب علة النقدية فيهما وكونهما من الأثمان أي وسائط للتبادل.
أمَّا إذا صيغ الذهب أو الفضة وصار حُليًّا أو مصنوعات، فإنه يخرج بذلك عن طبيعتهما كأثمان، وتنتفي عنهما علة النقدية التي توجب شرط التماثل والتقابض الفوري وتحرِّم التفاضل والتأجيل، فيعاملان حينها معاملة السلع التي يُراعى فيها قيمة الصنعة، وهي هنا الصياغة. ومن المعلوم أن الحكم الشرعي يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
ماذا يقول العلماء؟
وقد ذهب إلى هذا الرأي جمع من أهل العلم كالإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ونُقل عن معاوية رضي الله عنه وأهل الشام، كما أُثر عن الإمام مالك، وذكره ابن قدامة عن الحنابلة في جواز أخذ الأجرة على الصياغة، وجاء تقريره في كتاب الإنصاف للمرداوي، وهو ما جرى به عمل الناس، بشرط أن تكون الصياغة مباحة لا محرمة، فلا يجوز مثلًا صنع ما لا يحل لبسه للرجال من الذهب.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: [إن الحُلي المباح بالصنعة المباحة صار بمنزلة الثياب وسائر السلع، ولم يعد من جنس الأثمان، ولهذا لا تجب فيه الزكاة باعتباره نقدًا، ولا يجري فيه الربا مع الأثمان، تمامًا كما لا يجري بين الأثمان وبين سائر السلع الأخرى، إذ بالصناعة خرج عن مقصود الأثمان وصار معدًّا للتجارة، فلا حرج في بيعه بجنسه] ـ.
وبناءً على ذلك: لا مانع شرعًا من بيع الذهب المصوغ بالتقسيط، متى كان على صورة مباحة في ذاته وصنعته.