عاجل

ما حكم اشتراط البائع البراءة من عيوب السلعة التي يقوم ببيعها؟

السلعة
السلعة

أوضحت دار الإفتاء أنه يصح شرعًا أن يشترط البائع البراءة من عيوب المبيع، لكن بشرط أن لا يكون قد كتم عيبًا موجودًا في السلعة منذ البداية؛ لأن كتمان العيوب وإخفاءها يدخل في باب الغش والتدليس المنهي عنه في الشريعة.

اشتراط البائع البراءة من عيوب المبيع يُعَدُّ في أصله شرطًا صحيحًا من الناحية الشرعية، والمقصود به أن يبيع البائع السلعة كما هي، فيتحمل المشتري ما قد يظهر فيها من عيوب بعد العقد، شريطة أن يكون هذا الشرط مبنيًّا على الصراحة والوضوح، لا على التدليس والخداع.

غير أن هذا الشرط لا يُجيز للبائع إخفاء عيب قديم في السلعة أو كتمانه عمدًا، لأن ذلك يدخل في باب الغش المحرَّم الذي نهى عنه الشرع الشريف، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن غشَّ فليس منَّا». ومن ثم فإن المشتري إذا تبيَّن له وجود عيب قديم كان البائع على علم به وكتمه، فإن له الحق في رد السلعة أو المطالبة بالتعويض، ولا يسقط حقه لمجرد اشتراط البائع البراءة من العيوب. أما إذا لم يكن البائع عالمًا بالعيب، أو كانت السلعة خالية من العيوب وقت العقد، فإن الشرط صحيح ونافذ، وتكون المسؤولية بعد ذلك على المشتري فيما قد يطرأ من عيوب لاحقة.

وقد بيَّن الفقهاء أحكام هذه المسألة بتفصيل:


• الحنفية: أجازوا الشرط إذا ذُكر صراحة في العقد، لكنهم اشترطوا أن لا يكون البائع عالمًا بالعيب وكتمه، وإلا كان آثمًا ويثبت للمشتري الخيار.
• المالكية: فرَّقوا بين حالتي العلم والجهل؛ فإن رضي المشتري بالبراءة وهو عالم بحال السلعة صح الشرط، أما إذا كتم البائع عيبًا يعلمه فلا يسقط به حق المشتري.
• الشافعية: ذهبوا إلى أن شرط البراءة لا يمنع من الرد إذا كان البائع عالمًا بالعيب وأخفاه، أما إذا لم يكن يعلم فاشتراط البراءة صحيح.
• الحنابلة: قالوا إن الشرط صحيح إذا رضي به المشتري، بشرط أن لا يكون البائع قد أخفى عيبًا قديمًا، فإن فعل ثبت للمشتري الخيار.

وعلى هذا: فإن اشتراط البراءة من العيوب جائز شرعًا من حيث الأصل، لكنه مشروط بعدم اقترانه بغش أو تدليس، وبأن يكون المشتري على بينة من حال المبيع وقت العقد. فإذا خلا البيع من إخفاء العيوب، كان الشرط صحيحًا ونافذًا، أما مع التغرير والكتمان فلا عبرة به، ويظل للمشتري حق الخيار في رد المبيع أو إمساكه مع التعويض.

وبذلك يتحقق مقصود الشريعة في منع الغش والخداع، وفي الوقت ذاته حفظ مصالح المتبايعين وتحقيق العدالة في المعاملات.

تم نسخ الرابط