حكم من لا يريد أن يصوم رمضان .. هل يجوز إخراج كفارة؟

يُعَدُّ صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة التي فرضها الله على المسلمين، وجاءت فرضيته في القرآن الكريم بقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة: 183). كما جاءت السنة النبوية لتؤكد فرضية الصيام، مما جعل وجوبه أمرًا قطعيًّا لا خلاف فيه بين المسلمين.
لكن هناك بعض الأشخاص الذين يتركون صيام رمضان عمدًا، إما تكاسلًا أو رفضًا للصيام، وهو ما أثار تساؤلات حول الحكم الشرعي لهذا الفعل وعقوبته في الدنيا والآخرة.
حكم ترك الصيام عمدًا
اتفق العلماء على أن ترك صيام رمضان بلا عذر شرعي يعد من الكبائر، وهو ذنب عظيم يستوجب التوبة والاستغفار. فمن يترك الصيام دون عذر شرعي، سواء كان ذلك استهتارًا أو تكاسلًا، فقد أضاع فريضة عظيمة وجانب ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام.
أما من ينكر وجوب الصيام – مع علمه بأن الإسلام فرضه – فإنه يُعَدُّ كافرًا خارجًا عن ملة الإسلام، لأنه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة. وقد نقل الإمام النووي وابن قدامة وغيرهما إجماع الأمة على كفر من أنكر فرضية الصيام.
عقوبة ترك الصيام في الدنيا والآخرة
وردت في السنة النبوية الشريفة آثار تُحذِّر من ترك الصيام عمدًا، حيث جاء في الحديث الصحيح الذي رواه ابن خزيمة وابن حبان أن النبي ﷺ رأى في المنام أناسًا تُشَقُّ أشداقهم (زوايا أفواههم) ويسيل منها الدم، فسأل عنهم، فقيل له: “هؤلاء الذين يفطرون قبل أن يحل لهم الفطر”، مما يدل على أن ترك الصيام أو الفطر بلا عذر شرعي من الكبائر التي يعاقب عليها الإنسان.
أما في الدنيا، فإن من أفطر عمدًا بدون عذر شرعي لا يُجزئه القضاء فقط، بل يجب عليه التوبة النصوح، والندم على ما فعل، والإكثار من الأعمال الصالحة، لأن العلماء اختلفوا حول مسألة القضاء، حيث ذهب بعضهم إلى أن القضاء لا يكفي، لأن صيام رمضان عبادة مؤقتة بوقت معين، فإذا انقضى وقته لم يكن بالإمكان تداركه.
موقف الفقهاء من ترك الصيام
• الشافعية والحنابلة: يرون أن من ترك الصيام عمدًا لا يكفيه القضاء وحده، بل يجب عليه التوبة النصوح، والندم الشديد على تفريطه في ركن من أركان الإسلام.
• المالكية والحنفية: يقولون بوجوب قضاء اليوم الذي أفطره، لكن مع تأكيدهم على أن ذلك لا يُسقط عنه الإثم، بل لا بد من التوبة الصادقة.
• بعض العلماء المعاصرين: يرون أن من ترك الصيام بلا عذر شرعي وأراد التوبة، فإنه يُستحب له أن يُكثر من صيام النوافل كصيام الإثنين والخميس والأيام البيض، تعويضًا عما فاته، وتقربًا إلى الله.
أهمية الصيام وفضله
يُعَدُّ الصيام من أعظم العبادات التي فرضها الله على المسلمين، وهو سبب لتكفير الذنوب ورفع الدرجات، كما جاء في الحديث القدسي عن الله عز وجل: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به” (متفق عليه). كما أن للصائم فرحتين، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، مما يدل على عِظَم أجر الصيام عند الله.