عاجل

مفتي الجمهورية : «الأمانة» فضيلة الأنبياء ومدرسة الصيام تعززها في النفوس

مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن الأمانة تعد من أهم الأخلاق التي تميز بها الأنبياء والمرسلون عبر التاريخ، بدءًا من سيدنا آدم عليه السلام وحتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم أكد على هذه الحقيقة في عدة مواضع، حيث وردت عبارة "إني لكم رسول أمين" في وصف عدد من الأنبياء، مما يبرز عظمة الأمانة وأهميتها في حياة المسلم.

وأوضح مفتي الجمهورية، خلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "إسأل المفتي" على فضائية "صدى البلد"، أن الأمانة لا تقتصر على الجوانب المادية، كحفظ المال ورد الحقوق، بل تمتد إلى مختلف نواحي الحياة، بدءًا من العلاقة بين الزوجين، إلى الكلمة التي ينطق بها الإنسان، إلى الإلتزام بالواجبات والمسؤوليات.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الإسلام جعل الأمانة ميزانًا للإيمان الصحيح، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"، مؤكدًا أن القرآن الكريم لم يكتفِ بالدعوة إلى الأمانة، بل أوضح كيفية تطبيقها عمليًا، كما في قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ"، مما يدل على أن الأمانة تشمل المسؤوليات المجتمعية الكبرى، وعلى رأسها العدل بين الناس.

الصيام مدرسة عملية لتعزيز الأمانة

وفي سياق متصل، أكد مفتي الجمهورية، أن الصيام في رمضان يعد مدرسة عملية لتربية النفس على الأمانة، حيث إن جوهر الصيام يقوم على التزام العبد بأوامر الله بعيدًا عن أعين الناس، مما يعزز فضيلة الأمانة في القلب.

وأضاف أن الصيام له مراتب متعددة، تبدأ بصيام العوام، الذي يقتصر على الامتناع عن المفطرات الظاهرة، ثم صيام الخواص، الذي يشمل ضبط الجوارح عن المعاصي، وأخيرًا صيام خواص الخواص، وهو الامتناع عن أي فعل قد يعكر صفاء القلب، وأشار إلى أن الحديث النبوي "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الجُوعُ وَالعَطَشُ"، يؤكد أن الصيام لا يحقق أهدافه إذا لم يُترجم إلى التزام عملي بالأمانة، وضبط السلوكيات.

التفريط في الأمانة ظاهرة مؤسفة 

وأشار المفتي إلى أن تفريط الناس في الأمانة بات ظاهرة مؤسفة في المجتمع المعاصر، حيث انتشرت مظاهر الغش والخداع في المعاملات، وتراجع الالتزام بالوقت والمسؤوليات، مؤكدًا أن هذا يعد صورة من صور خيانة الأمانة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا".

وأضاف أن الإنسان مسؤول أمام الله عن كل ما أُئتمن عليه، مستشهدًا بقوله تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"، مشيرًا إلى أن الأمانة تشمل جميع التكاليف الشرعية، وهي أساس إتقان العمل، والوفاء بالعهود، وصيانة الحقوق.

وأكد الدكتور نظير عياد أن الأمانة كانت من أبرز صفات النبي صلى الله عليه وسلم، حيث اشتهر بين قومه بلقب "الصادق الأمين"، مما يدل على أن الجمع بين الصدق والأمانة هو أساس الشخصية الإسلامية السوية، واستشهد بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ"، مشددًا على أن الكذب والخيانة تتنافيان مع الإيمان.

وفي ختام حديثه، دعا المفتي إلى التمسك بفضيلة الأمانة في جميع مناحي الحياة، وجعلها منهجًا يوميًا في العلاقات الأسرية، والمعاملات المالية، وأداء الحقوق، والالتزام بالعمل، مشيرًا إلى أن شهر رمضان فرصة عظيمة لتعزيز هذه القيمة الأخلاقية السامية.

تم نسخ الرابط