هل يفسد الصيام بابتلاع بقايا الطعام بين الأسنان؟دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي

تتكرر الأسئلة حول صحة الصيام في الحالات التي قد يتعذر فيها تجنب بعض الأمور، مثل ابتلاع بقايا الطعام العالقة بين الأسنان. وفي هذا السياق، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى توضح فيهاحكم ابتلاع بقايا الطعام أثناء الصيام، وذلك استنادًا إلى مبادئ التيسير ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية.
ابتلاع بقايا الطعام: هل يبطل الصيام؟
بحسب الفتوى الصادرة عن فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد – مفتي الجمهورية، فإن الصائم الذي يجد بعد السحور بقايا طعام بين أسنانه، ويحاول تنظيف فمه لكنه لا يستطيع إزالة كل ما تبقى، ثم يجد أن شيئًا من هذه البقايا قد جرى مع ريقه إلى حلقه دون قصد، فإن صيامه يظل صحيحًا، لأن ذلك يدخل ضمن الأمور التي يصعب الاحتراز عنها.
أما إذا كانت بقايا الطعام كثيرة، ويمكنه إخراجها لكنه ابتلعها عمدًا، فإن ذلك يُبطل صومه، وفقًا لما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
تفصيل الفقهاء في المسألة
أكدت الفتوى أن هناك ضوابط وضعها الفقهاء للتمييز بين القليل والكثير من بقايا الطعام داخل الفم:
إذا كانت قليلة جدًا ولا يستطيع الصائم إخراجها أو الاحتراز منها، فلا تفطره، وهذا إجماع بين العلماء، استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286].
إذا كانت كثيرة ويمكنه لفظها لكنه ابتلعها عمدًا، فإن صيامه يفسد، وعليه القضاء.
عند الحنفية، يُعتبر الطعام العالق بمقدار حبة حمص أو أكثر كثيرًا، وما دون ذلك قليلًا. أما عند جمهور الفقهاء، فالمعيار الأساسي هو إمكانية التمييز والإخراج.
دليل التيسير ورفع الحرج في الصيام
تشير الفتوى إلى أن الشريعة الإسلامية قائمة على التيسير في الأحكام، خاصة في الأمور التي يصعب الاحتراز عنها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» (رواه أحمد والطبراني).
وقد أكد الفقهاء أن هناك أمورًا يعفى عنها في الصيام، ومنها ما لا يمكن تجنبه مثل الريق، والغبار، وبقايا الطعام التي لا يمكن إخراجها، استنادًا إلى القاعدة الفقهية: "المشقة تجلب التيسير".
آراء بعض الفقهاء في ابتلاع بقايا الطعام أثناء الصيام
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على عدة أقوال، لكن الفتوى المعتمدة تستند إلى رأي جمهور العلماء، الذي يرى أن الصيام لا يفسد إلا بابتلاع بقايا الطعام عمدًا مع القدرة على إخراجها.
المالكية: بعضهم يرى أنه إذا كان الطعام موجودًا في الفم منذ الليل وابتلعه الصائم في النهار، فإن صيامه لا يفسد حتى لو تعمد ذلك، وهو رأي الإمامين ابن حبيب وابن الماجشون.
الشافعية: لديهم رأي آخر، حيث يقولون إنه إذا قام الصائم بتنظيف أسنانه قبل الصيام، فلا يفطر حتى لو ابتلع شيئًا دون قصد، أما إذا لم يبذل جهدًا في تنظيف فمه، فإن صيامه يفسد.
الحنابلة: يرون أن الصائم إذا وجد طعامًا في فمه ولفظه، فصيامه صحيح، لكن إذا ابتلعه عمدًا، فإنه يفسد صيامه.
التوصية الشرعية للصائمين
لضمان صحة الصيام وعدم الوقوع في خلاف الفقهاء، يُنصح الصائم بما يلي:
1. تنظيف الأسنان جيدًا بعد السحور باستخدام الفرشاة أو السواك.
2. الحرص على مجّ الفم جيدًا بعد الأكل لتجنب بقايا الطعام.
3. إذا شعر ببقايا طعام قليلة جدًا أثناء النهار، فلا يقلق، فصيامه صحيح ما دام لم يبتلعها عمدًا.
4. إذا وجد بقايا طعام كبيرة يمكن إخراجها، فعليه لفظها فورًا، لأن ابتلاعها عمدًا يبطل الصيام.
بناءً على ذلك، فإن ابتلاع بقايا الطعام لا يفسد الصيام إذا كانت قليلة جدًا ولا يمكن تمييزها أو إخراجها، أما إذا كانت كثيرة ويمكنه لفظها لكنه ابتلعها عمدًا، فإنه يفطر وعليه القضاء.
لذا، يُنصح الصائمون بالاهتمام بنظافة الفم بعد السحور، لتجنب أي شكوك في صحة الصيام.