ما حكم الصلاة على مرتبة من الإسفنج؟ دار الإفتاء توضح

أكدت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز شرعًا الصلاة على المرتبة، ولا حرج في ذلك باتفاق فقهاء أهل السنة وأئمة المذاهب الأربعة، ما دامت لا تعيق وضع الجبهة على الأرض أثناء السجود، لا سيما إذا كان ذلك يساعد على تخفيف المشقة أو الألم، خاصة لدى كبار السن والمرضى.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصلي أحيانًا على فراش أو ما شابهه؛ فقد ورد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي – أو يحب أن يصلي – على فروة مدبوغة”، رواه الإمام أحمد.
كما جاء في “المصنف” لابن أبي شيبة أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “يسجد المريض على المرفقة -أي الوسادة- أو على ثوب نظيف”، وروي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها “كانت قد رمدت عينها، فكانت تسجد على وسادة من أدم”.
وهذه الآثار تدل على التيسير في هيئة السجود لمن يعجز عن مباشرة الأرض مباشرةً، أو تلحقه بذلك مشقة، دون أن يُعد ذلك مخالفًا لآداب الصلاة أو شروطها، ما دامت أركانها محفوظة
حكم الصلاة على مرتبة من الإسفنج وما شابهها
أجمع فقهاء أهل السنة على أن الصلاة لا تُشترط أن تكون على شيء من جنس الأرض كالتراب أو الحصى، بل تصح على غير ذلك من الفُرُش ونحوها، ما دامت طاهرة ولا تحول دون استقرار الجبهة في السجود.
وقد نقل الإمام الخطيب الشربيني الشافعي هذا الاتفاق في كتابه مغني المحتاج، فقال: “أجمع المسلمون -إلا الشيعة- على جواز الصلاة على الصوف وفيه، ولا كراهةَ في ذلك إلا عند مالك، حيث كرهه تنزيهًا، أما الشيعة فقالوا بعدم الجواز لكونه ليس من نبات الأرض”.
ولا يؤثر في صحة الصلاة أن يكون ما يُصلَّى عليه وثيرًا أو سميكًا نوعًا ما، طالما أن جبهة المصلي تستقر عليه عند السجود، ولا تفقد تماسّها. فقد ورد في صحيح البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم “كان يُصلّي وهي بينه وبين القبلة على فراش أهلِه كاعتراض الجنازة”، وعلّق عليه الإمام البخاري بعنوان: “باب الصلاة على الفراش”.
كما ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن الإمام البخاري أشار بهذا الحديث إلى خلافٍ في المسألة، فنقل عن إبراهيم النخعي أن بعض التابعين كانوا يكرهون الصلاة على الطنافس والفراء، بينما أباحها جمهور الصحابة والتابعين.
وروى الإمام أحمد وأبو داود والطبراني -وصححه ابن خزيمة والحاكم- عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم “كان يصلي – أو يحب أن يصلي – على فروة مدبوغة”. وقال الحاكم: “هذا حديث صحيح على شرط الشيخين”.
ورُوي كذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح الصلاة على الفرو بعد الدباغ، كما ورد في مسند أحمد: أن رجلًا سأله: “أُصلِّي في الفِراء؟” فقال: «فأين الدباغ؟»، أي أن الدباغة تجعل الجلد طاهرًا وصالحًا للصلاة عليه، كما أوضح الشيخ السندي.
وجاء عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم صلّوا على وسائد، وفرش، ومسوح، وغيرها من الوسائل الوثيره؛ مراعاةً للراحة أو لحال المرض. فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس أنه قال: “يسجد المريض على المرفقة والثوب الطيِّب”، وعن أم سلمة رضي الله عنها: “أنها كانت تسجد على وسادة من أدم بسبب رمد في عينها”، وعن أنس: “أنه سجد على مرفقة”، كما رُوي عن غيرهم أنهم كانوا يسجدون على طنافس ولبود وأحلاس وعبقري ومسوح.
وقد أكد الإمام ابن حزم في المحلّى أنه لا فرق في جواز الصلاة على أي سطح طاهر، سواء كان من صوف أو جلد أو حرير –بالنسبة للنساء– أو غيره، طالما أنه لا يمنع أداء السجود بالشكل المطلوب. ونقل عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وأبي الدرداء، وغيرهم أنهم كانوا يصلّون على مثل هذه الأسطح دون نكير