عاجل

ما حكم تغسيل النفساء إذا ماتت أثناء الولادة والصلاة عليها؟

المرأة
المرأة

كشفت دار الإفتاء المصرية على إجماع فقهاء المذاهب الأربعة على أن المرأة إذا توفيت أثناء الولادة أو بسبب النفاس، فإنها تُغسَّل ويُصلَّى عليها، ويُعامل جسدها بأحكام الموتى من حيث الطهارة والصلاة، رغم ما لها من فضل ومرتبة في الآخرة كأجر الشهداء، وذلك من كرم الله ورحمته.

وقد بيّن الإمام ابن قدامة في كتابه “المغني” هذا الحكم بقوله:
“أما من كان شهيدًا بغير القتل، كصاحب البطن، والغريق، والمهدوم، والمرأة النفساء، فإنهم يُغسّلون ويُصلى عليهم، ولا نعلم خلافًا في ذلك، إلا ما رُوي عن الحسن أنه قال: لا يُصلى على النفساء لأنها شهيدة. ولكن الدليل على خلاف ذلك ما ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على امرأة توفيت في نفاسها، فقام للصلاة عند وسطها.”
 

هل يشترط أن يستمر دم النفاس أربعين يوما ؟

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن دم النفاس، الذي يخرج من المرأة بعد الولادة، لا يُشترط أن يستمر لمدة أربعين يومًا كما هو شائع، مؤكدةً أن الطهارة قد تحدث قبل ذلك، بل وقد تحدث في يوم أو يومين فقط، بشرط ظهور علامات الطهر الشرعية.

وأكدت أن المرأة التي ترى الطهر – سواء بالجفاف التام أو خروج القَصَّة البيضاء – تغتسل فورًا ويجوز لها الصوم والصلاة وسائر العبادات.

ما هو النفاس؟

النفاس هو الدم الذي يخرج من المرأة بسبب الولادة، سواء ولدت طبيعيًا أو قيصريًا، ومهما كانت حالة المولود.

وقد استندت دار الإفتاء في تحديد المدة إلى ما رواه الصحابيّة أم سلمة رضي الله عنها:
“كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله ﷺ أربعين يومًا” – رواه أبو داود والترمذي.

لكنها أوضحت أن هذا الحديث يُعبر عن الغالب وليس عن الحد الأدنى أو الأقصى، إذ أن بعض النساء قد يطهرن قبل ذلك، وهو ما أقره العلماء، حيث لا يوجد نص يُلزم المرأة بالانتظار حتى تُتم الأربعين.

أقلّ النفاس وأكثره

لا حدَّ لأقل النفاس باتفاق العلماء، وأما أكثره؛ فالمختار للفتوى: هو المقرر في مذهب السادة الحنفية، والحنابلة في المذهب؛ مِن أنَّ أقلَّ مدة النفاس لا حدَّ لها، وأنَّ أكثرها أربعون يومًا، وهو المروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وعثمان بن أبي العاص، وأبي هبيرة عائذ بن عَمروٍ المزنيِّ، وأم المؤمنين أمِّ سلمة رضي الله عنهم، وبه قال ابن المبارك، وإسحاق بن راهويه، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والليث بن سعد، وسفيانُ الثوري، وأبو عُبَيد القاسم بن سلَّام، وداود، واختاره الأئمة: ابن عبد البر من المالكية، وابن سريج وأبو علي الطبري والمزني من الشافعية.

واستدلوا على ذلك؛ بما روي عَنْ أَنَس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «وَقْتُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ» أخرجه الإمام ابن ماجه والدارقطني واللفظ له والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "المعجم الأوسط" عن جابر رضي الله عنهما، وفي "المعجم الكبير" عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه.

وعَنْ أم المؤمنين أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والحاكم في "المستدرك".

وعن مُسَّةَ الأُزْدِيَّة قَالَتْ: "حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَأْمُرُ النِّسَاءَ يَقْضِينَ صَلَاةَ الْمَحِيضِ فَقَالَتْ: لَا يَقْضِينَ؛ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ  وآلِهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَأْمُرُهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ  وآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَضَاءِ صَلَاةِ النِّفَاسِ" أخرجه أبو داود والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
 

علامات الطهر من النفاس


1. الجفاف التام: عند إدخال قطنة أو منديل في الموضع تخرج نظيفة بلا دم.
2. القَصَّة البيضاء: وهي سائل أبيض يخرج من المرأة علامة على اكتمال الطهر.

وقد ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول للنساء:
“لا تعجلن حتى ترين القَصَّة البيضاء” – رواه مالك في الموطأ.

ما يحرم على النفساء
النفاس: حدثٌ تختص به النساء، ويحرم به عليهنَّ ما يحرم بالجنابة مِن الصلاةِ ولا يجب عليهنَّ أنْ يقضين ما فاتهنَّ بسبب ذلك، وقراءةِ القرآن، ومسِّ المصحف وحملِه، والطوافِ، واللبثِ في المسجد، والجماعِ، والصومِ ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة، والمرورِ مِن المسجد إلا إذا أُمِنَ التلويث؛ كما قال القاضي أبو شجاع في متنه المسمى "الغاية والتقريب" (ص: 7، ط. عالم الكتب)، والإمام النووي في "منهاج الطالبين" (ص: 20، ط. دار الفكر).

إذا استمر الدم بعد 60 يومًا

فهو ليس حيضًا ولا نفاسًا، وإنما استحاضة، ويجب على المرأة أن:
• تتوضأ لكل صلاة.
• تصلي وتصوم دون مانع.
• تتعامل مع الدم كنجاسة فقط، لا كعذر شرعي

تم نسخ الرابط