الشيخ إبراهيم رضا: صيام يوم عاشوراء لا يغفر الذنوب المتعلقة بحقوق العباد

أكد الشيخ إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، أن صيام يوم عاشوراء من أفضل الأعمال التي يُثاب عليها المسلم، لما ورد في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال: “صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله.” (رواه مسلم)
وأوضح رضا، في تصريح خاص لـ "نيوز رووم " شدد فيه على ضرورة فهم هذا الفضل في سياقه الصحيح، موضحًا أن تكفير الذنوب بصيام عاشوراء يقتصر على الذنوب التي بين العبد وربه، من تقصير أو ذنوب خفية لا تتعلق بحقوق الآخرين.
وقال : “ما كان من الذنوب متعلقًا بجناب الله عز وجل، فالله واسع المغفرة، يتجاوز عنه بالنية الصادقة والعمل الصالح وطلب المغفرة، أما ما يتعلق بحقوق العباد فلا يغتفر إلا بردّ المظالم إلى أهلها، سواء كانت مظالم مادية أو معنوية.”
ردّ المظالم شرط لقبول التوبة
وأشارالشيخ إبراهيم رضا، إلى أن الإسلام لا يُسامح في حقوق الناس دون إذنهم، مستشهدًا بقول النبي ﷺ:
“من كانت له مظلمة لأحد من أخيه، فليتحلله منها اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم…” (رواه البخاري)، مضيفا : “من أكل أموال اليتامى أو أضرّ بالناس ظلمًا، فليعلم أن صيامه – وإن عظم أجره – لا يغني عن رد الحقوق إلى أصحابها. فلا توبة كاملة إلا برد الحقوق، والاعتذاروطلب العفومنه إن كانت المظلمة معنوية.”
فضل صيام يوم عاشوراء:
من أبرز فضائل صيام يوم عاشوراء ما ورد في صحيح الإمام مسلم، عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله”.
وهذا الحديث الشريف يبيّن أن من صام يوم عاشوراء بإخلاص نال مغفرة الذنوب الصغائر التي ارتكبها في السنة الماضية، وهي نعمة عظيمة وفضل كبير لا ينبغي للمسلم أن يغفل عنه.
ويُعلّق العلماء على هذا الحديث بأن التكفير يشمل صغائر الذنوب فقط، أما الكبائر فهي تحتاج إلى توبة صادقة وعزم على عدم العودة، لكن يبقى أن نيل مغفرة عام كامل من الصغائر يُعد فضلًا جزيلًا ينبغي اغتنامه.
يرتبط يوم عاشوراء بحدث تاريخي عظيم، حيث نجّى الله فيه نبيّه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده. فقد ورد في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:“قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه”، وهذا الاقتداء بنبي الله موسى يعزز من مكانة هذا اليوم وفضل الصيام فيه، ويُظهر كيف أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على تعظيم الأيام التي أنعم الله فيها على عباده الصالحين.
منحة ربانية في شهر محرم
شهر الله المحرم يُعد من الأشهر الحُرُم التي عظّمها الله عز وجل، وصيامه من أفضل الصيام بعد رمضان، كما جاء في الحديث الصحيح:“أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم” [رواه مسلم].
وبما أن يوم عاشوراء يقع في هذا الشهر، فإن صيامه يجمع بين فضيلتين: فضل صيام يوم عاشوراء نفسه، وفضل الصيام في شهر محرم، ما يجعل أجره مضاعفًا ومحببًا للمؤمنين.
سنة مؤكدة ومظهر من مظاهر الشكر
صيام عاشوراء يُعد سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من مظاهر شكر الله تعالى على نصره لعباده، لذلك يُستحب للمسلم أن يصوم يومًا قبله (التاسع) أو بعده (الحادي عشر)، ليخالف اليهود في طريقتهم، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لئن بقيتُ إلى قابلٍ لأصومنّ التاسع”