عاجل

يوم عاشوراء.. القصة الكاملة لاستشهاد الإمام الحسين وحقيقة بكاء الجن حزنا عليه

استشهاد الحسين
استشهاد الحسين

تحل يوم غدٍ السبت؛ ذكرى استشهاد الإمام الحسين، التي تتزامن مع يوم عاشوراء، ويكثر الجدل حول مقتله رضي الله عنه وأرضاه، فما هي الحقيقة الكاملة لقصة استشهاد سبط النبي صلى الله عليه وسلم في كربلاء.

استشهاد الإمام الحسين.. «البداية والنهاية» تروي قصة مقتل الحسين بن علي

يذكر صاحب «البداية والنهاية» في فصل الإخبار بمقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، أن مقتل الحسين، رضي الله عنه ، يوم الجمعة - وقال الليث وأبو نعيم : يوم السبت- يوم عاشوراء من المحرم سنة إحدى وستين. وقال هشام بن الكلبي: سنة ثنتين وستين. وبه قال علي بن المديني. وقال ابن لهيعة: سنة ثنتين أو ثلاث وستين. وقال غيره: سنة ستين. والصحيح الأول، بمكان يقال له الطف. بكربلاء من أرض العراق، وله من العمر ثمان وخمسون سنة أو نحوها.

هل أخبر الرسول بمقتل الإمام الحسين في كربلاء؟

يستشهد ابن كثير في كتابه بما قاله الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد بن حسان، ثنا عمارة، يعني ابن زاذان، عن ثابت، عن أنس قال استأذن ملك القطر أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له، فقال لأم سلمة: "احفظي علينا الباب لا يدخل أحد". فجاء الحسين بن علي فوثب حتى دخل، فجعل يصعد على منكب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له الملك: أتحبه؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " نعم ". قال : فإن أمتك تقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه . قال : فضرب بيده، فأراه ترابا أحمر، فأخذت أم سلمة ذلك التراب، فصرته في طرف ثوبها. قال: فكنا نسمع: يقتل بكربلاء.

كما قال أبو القاسم البغوي: حدثنا محمد بن هارون أبو بكر، ثنا إبراهيم بن محمد الرقي وعلي بن الحسين الرازي قالا: ثنا سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني، ثنا عطاء بن مسلم، ثنا أشعث بن سحيم، عن أبيه قال: سمعت أنس بن الحارث يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن ابني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها : كربلاء . فمن شهد منكم ذلك فلينصره " . قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل مع الحسين . ثم قال : ولا أعلم روى غيره .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبيد ، ثنا شرحبيل بن مدرك ، عن عبد الله بن نجي ، عن أبيه ، أنه سار مع علي - وكان صاحب مطهرته - فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى علي : اصبر أبا عبد الله ، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات . قلت : وماذا ؟ قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان ، فقلت : يا نبي الله ، أغضبك أحد ؟ وما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : " بل قام من عندي جبريل قبل ، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات". قال: " فقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم . فمد يده، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا ". تفرد به أحمد. وروى محمد بن سعد، عن علي بن محمد ، عن يحيى بن زكريا، عن رجل، عن عامر الشعبي، عن علي مثله .

وقد روى محمد بن سعد وغيره من غير وجه، عن علي بن أبي طالب، أنه مر بكربلاء، عند أشجار الحنظل، وهو ذاهب إلى صفين، فسأل عن اسمها فقيل: كربلاء. فقال: كرب وبلاء. فنزل وصلى عند شجرة هناك، ثم قال: يقتل هاهنا شهداء هم خير الشهداء غير الصحابة، يدخلون الجنة بغير حساب.

وأشار إلى مكان هناك، فعلموه بشيء، فقتل فيه الحسين، رضي الله عنه.

بكاء الجن على استشهاد الإمام الحسين

وقد روي عن كعب الأحبار آثار في كربلاء. وقد حكى أبو الجناب الكلبي وغيره أن أهل كربلاء لا يزالون يسمعون نوح الجن على الحسين، رضي الله عنه، وهن يقلن:

مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود     أبواه من عليا قريش جده خير الجدود

وقد أجابهم بعض الناس فقال :
خرجوا به وفدا إلي     ه فهم له شر الوفود
قتلوا ابن بنت نبيهم     سكنوا به نار الخلود

وروى ابن عساكر أن طائفة من الناس ذهبوا في غزوة إلى بلاد الروم، فوجدوا في كنيسة مكتوبا :

أترجو أمة قتلت حسينا     شفاعة جده يوم الحساب

فسألوهم : من كتب هذا ؟ فقالوا: إن هذا مكتوب هاهنا من قبل مبعث نبيكم بثلاثمائة سنة.

وروي أن الذين قتلوه رجعوا، فباتوا وهم يشربون الخمر، والرأس معهم، فبرز لهم قلم من حديد، فرسم لهم في الحائط بدم هذا البيت

أترجو أمة قتلت حسينا     شفاعة جده يوم الحساب

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن وعفان، ثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بنصف النهار أشعث أغبر، معه قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا ؟ قال: " هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل ألتقطه منذ اليوم". قال عمار: فأحصينا ذلك اليوم فوجدناه قد قتل في ذلك اليوم . تفرد به أحمد ، وإسناده قوي .

وروى الترمذي، عن أبي سعيد الأشج، عن أبي خالد الأحمر، عن رزين، عن سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ فقالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفا.

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا ، حماد بن سلمة: عن عمار قال: سمعت أم سلمة قالت: سمعت الجن يبكين على حسين، وسمعت الجن تنوح على حسين.

ورواه الحسين بن إدريس، عن هاشم بن هاشم، عن أمه، عن أم سلمة قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين ، وهن يقلن

أيها القاتلون ظلما حسينا     أبشروا بالعذاب والتنكيل
كل أهل السماء يدعو عليكم     من نبي ومرسل وقبيل
قد لعنتم على لسان ابن داود     وموسى وصاحب الإنجيل

وقد روي من طريق أخرى، عن أم سلمة بشعر آخر غير هذا. 

الشيعة ويوم عاشوراء.. ماذا حدث للسماء والأرض بعد استشهاد الإمام الحسين؟

يقول ابن كثير في كتابه «البداية والنهاية»: لقد بالغ الشيعة في يوم عاشوراء، فوضعوا أحاديث كثيرة وكذبا فاحشا; من كون الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم، وما رفع يومئذ حجر إلا وجد تحته دم، وأن أرجاء السماء احمرت، وأن الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنه دم، وصارت السماء كأنها علقة، وأن الكواكب صار يضرب بعضها بعضا، وأمطرت السماء دما أحمر، وأن الحمرة لم تكن في السماء قبل يومئذ. وروى ابن لهيعة، عن أبي قبيل المعافري، أن الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم وقت الظهر.

وأن رأس الحسين لما دخلوا به قصر الإمارة جعلت الحيطان تسيل دما. وأن الأرض أظلمت ثلاثة أيام. ولم يمس زعفران ولا ورس مما كان معه يومئذ إلا احترق من مسه. ولم يرفع حجر من حجارة بيت المقدس إلا ظهر تحته دم عبيط. وأن الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم . إلى غير ذلك من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شيء .

مصير من قتل الإمام الحسين

وأما ما روي من الأمور والفتن التي أصابت من قتله فأكثرها صحيح; فإنه قل من نجا منهم في الدنيا إلا أصيب بمرض، وأكثرهم أصابه الجنون.

أول من ابتدع البكاء على استشهاد الحسين

يقول صاحب البداية والنهاية: قد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها، فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين، لأنه قتل عطشان، ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن، حافيات في الأسواق، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة، والأهواء الفظيعة، والهتائك المخترعة، وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بني أمية ; لأنه قتل في أيامهم .

عاشوراء بين الفرح والحزن

وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا في يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيدا، يصنعون فيه أنواع الأطعمة، ويظهرون السرور والفرح ; يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم.

وقد تأول عليه من قتله أنه جاء ليفرق كلمة المسلمين بعد اجتماعها، وليخلع من بايعه الناس واجتمعوا عليه ، وقد ورد في " صحيح مسلم " الحديث بالزجر عن ذلك، والتحذير منه، والتوعد عليه، وبتقدير أن تكون طائفة من الجهلة قد تأولوا عليه وقتلوه، ولم يكن لهم قتله، بل كان يجب عليهم إجابته إلى ما سأل من تلك الخصال الثلاثة المتقدم ذكرها، فإذا ذمت طائفة من الجبارين لم تذم الأمة بكمالها وتتهم على نبيها صلى الله عليه وسلم، فليس الأمر كما ذهبوا إليه، ولا كما سلكوه، بل أكثر الأمة قديما وحديثا كاره ما وقع من قتله وقتل أصحابه سوى شرذمة قليلة من أهل الكوفة، قبحهم الله، وأكثرهم كانوا قد كاتبوه ليتوصلوا به إلى أغراضهم ومقاصدهم الفاسدة ، فلما علم ذلك ابن زياد منهم بلغهم ما يريدون من الدنيا ، وأخذهم على ذلك ، وحملهم عليه بالرغبة والرهبة ، فانكفوا عن الحسين وخذلوه ثم قتلوه ، وليس كل ذلك الجيش كان راضيا بما وقع من قتله ، بل ولا يزيد بن معاوية رضي بذلك - والله أعلم - ولا كرهه ، والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يقتل لعفا عنه ، كما أوصاه بذلك أبوه ، وكما صرح هو به مخبرا عن نفسه بذلك .

وقد لعن ابن زياد على فعله ذلك وشتمه فيما يظهر ويبدو، ولكن لم يعزله على ذلك ولا عاقبه ولا أرسل يعيب عليه ذلك.

تم نسخ الرابط