عاجل

استشهاد الإمام الحسين يوم عاشوراء.. الأحداث وهل في أكل «عاشورا» إثم؟

يوم عاشوراء 2025
يوم عاشوراء 2025

تحل ذكرى استشهاد الإمام الحسين رضى الله عنه، في يوم عاشوراء السبت المقبل، وهو يوم يختلف السنة والشيعة في حكم الاحتفاء به اعتقادًا واتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الفرح بنجاة أخيه موسى عليه السلام، وبين الحزن واللطم حزنا على استشهاد الإمام الحسين، فكيف نحيي هذا اليوم؟

من هو الإمام الحسين؟ 

الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو عبد الله ريحانة النبي ﷺ وشبهه من الصدر إلى ما أسفل منه ولما ولد أذن النبي ﷺ في أذنه وهو سيد شباب أهل الجنة وخامس أهل الكساء .

أمه السيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ سيدة نساء العالمين. وأبوه سيف الله الغالب سيدنا عليُّ بن أبي طالب رضى الله عنه. 

ولد الإمام الحسين (أبو عبد الله) رضى الله عنه، في الثالث من شعبان سنة أربع من الهجرة، بعد نحو عام من ولادة أخيه الحسن رضى الله عنه، فعاش مع جده المصطفى ﷺ نيفًا وست سنوات .

جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما ولد الحسن سميته حربا فجاء رسول الله ﷺ فقال: "أروني ابني ما سميتموه" قلنا: حربا قال: "بل حسن". فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء النبي ﷺ فقال : " أروني ابني ما سميتموه " قلنا : حربا قال : " بل هو حسين " . 

أحداث مقتل الإمام الحسين في كربلاء.. هل كانت يوم عاشوراء؟ 

وقد استشهد الحسين، وله من العمر سبعة وخمسون عامًا، واستُشْهِدَ في يوم الجمعة أو السبت الموافق العاشر من المحرَّم في موقعة كربلاء قريبًا من (نِينَوَى) بالعراق، عام إحدى وستين من الهجرة،  وفق كتاب (مراقد أهل البيت في القاهرة، للإمام الرائد محمد زكي الدين إبراهيم). 

قتله حولي بن يزيد الأصبحي، واجتزَّ رأسه الشريفَ سنانُ بن أنس النخعي، وشمر بن ذي الجوشن، وسلب ما كان عليه إسحاق بن خويلد الخضرمي.

وقد شهد الحسين مع والده واقعة (الجمل)، و(صِفِّينَ)، وحروب الخوارج وغيرها، كما شارك بعد وفاة أبيه في فتح أفريقيا وآسيا، كما سجَّله سادة المؤرخين.

وقد دفن جسده الطاهر بكربلاء بالعراق، أمَّا الرأس الشريف فقد طيف بها إرهابًا للناس حتى استقر أو حُفِظَ بعسقلان، من ثغور فلسطين على البحر المتوسط، ثم لما اشتعلت الحروب الصليبية، وخاف الخليفة الفاطمي على الرأس؛ فأذن وزيره (الصالح طلائع بن رزيك) فنقلها إلى مصر بالمشهد المعروف بها الآن، بتحقيق أعلم المؤرخين وأصدقهم .

وهي تجذب إليها الزائرين على عكس كل الأماكن المنسوبة لسيدنا الحسين في العالم، وذلك أن رأسه الشريف قد استقرت بالقاهرة فنوّرتها، وباركتها، وحرستها إلى يوم الدين، فالحمد لله رب العالمين.

زواج الإمام الحسين وأبنائه

وقد تزوج الحسين رضى الله عنه بعدد من النساء؛ رجاء كثرة النسل، لحفظ أثر البيت النبوي، كما فعل أبوه من قبل، وقد حَقَّقَ الله هذا الرجاء، فحفظ ميراث النبوة وعصبتها في نسل الحسن والحسين وزينب أخت الحسين، وفاطمة ابنته، رضي الله عن الجميع.

أمَّا أبناؤه، فهم: عليٌّ الشهيد، أمُّه: برة بنت عروة بن مسعود الثقفي من أشرف بيوت العرب.

عليٌّ الأوسط (أو المثنى)، واشتهر بالإمام ، وعليٌّ الأصغر (أو المثلث)، واشتهر بزين العابدين السَّجَّادِ، وأمهما: الأميرة مشهر بانو بنت كسرى شاهنشاه ملك الفرس.

محمد، وعبد الله، وسكينة الكبرى، والصغرى، وأمهم: الرباب بنت امرئ القيس الكندية من ملوك العرب. جعفر، وأمه: القضاعية. 

فاطمة ،وزينب، وأمهما: أم إسحاق بنت طليحة بن عبد الله من كبار الصحابة.

ولكن نسل الحسين رضى الله عنه كله كان من عليٍّ الأصغر (زين العابدين السجَّاد - لأنه كان كثير السجود -) فمن بنتيه: فاطمة وزينب ، وإن كانت ذرية فاطمة قليلة ونادرة. 

وقد روى الحاكم وصححه عن الرسول ﷺ قال: «حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، اللهمَّ أَحِبَّ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ، الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ».

وروى ابن حِبَّانَ وابن سعد وأبو يعلى وابن عساكر عنه ﷺ أنه قال: «من سَرَّهُ أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة؛ فلينظر إلى الحسين بن عليٍّ رضى الله عنه».

قال الشاعر المحب:

قيل: تشقى بحبِّ (آل النبي) * قلتُ: هذا كلامُ غاوٍ غبي
فاز كلبٌ بحبِّ أصحاب كهف * كيف أشقى بحبِّ (آل النبيِّ)!

وقال الإمام الشافعي :

يا راكباً قف بالمحصّب من منى * واهتف بقاعد خيفها والناهضِ
سَحَراً إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضاً كمُلتطم الفرات الفائضِ
إن كان رفضاً حبّ آل محمد * فليشهد الثقلان أنّي رافضي

وقال الشيخ محيي الدين بن عربي :

فلا تعدل بأهل البيت خلقاً * فأهل البيت هم أهل الشهادهْ
فبغضهم من الاِنسان خسرٌ * حقيقيّ وحُبّهم عبادهْ

وقال صفي الدين الحلي :

يا عترة المختار يامن بهم * يفوز عبدٌ يتولاهمُ
أُعرفُ في الحشر بحبّي لكم * إذ يُعرَف الناس بسيماهمُ

قصة نجاة موسى يوم عاشوراء وسنة النبي بصيامه

رسول الله ﷺ كان في سفر فعندما دخل المدينة، وهناك تقويم لليهود، فعندهم شهر اسمه "تشري"، وكان في اليوم العاشر من شهر تشري ، نصر الله سيدنا موسى، فأنجاه من فرعون.

فلما دخل النبي ﷺ المدينة وجد يهود يصومون ذاك اليوم (سأل ما هذا؟ قالوا : هذا يوم نجي الله فيه موسي . فقال: نحن أولي بموسي منهم . فصامه وأمر أصحابه بصيامه) وظل عاشوراء فرضًا على المسلمين إلى أن أنزل الله سبحانه وتعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } حتى قال {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فأصبح هذا ناسخًا لهذا وظل صوم يوم عاشوراء سنة إلى يوم الدين حتى قال رسول الله ﷺ : (لو بقيت لقابل لصمت تاسوعاء وعاشوراء) ولكنه إنتقل إلى الرفيق الأعلى ﷺ فصار من السنة المرغوب فيها أن نصوم تاسوعاء وعاشوراء وقال «مَنْ وَسَّعَ على عياله يوم عاشوراء «مَنْ وَسَّعَ على أهله ... »، وفي رواية: «على عياله ... » ، وسع الله عليه سائر سنته». أخرجه الطبراني، وصححه الشيخ أحمد بن الصديق، والعراقي. وقال عبد الله بن المبارك وكان في سند الحديث : "فجربناه ستين سنة فوجدناه صحيحا" أي أنه وسع في سنين فوسع الله عليه وضيق في أخرى فضيق الله عليه والحمد لله رب العالمين، ولقد جربناه أكثر من ثلاثين عامًا فوجدناه صحيحًا ولكن الحمد لله لم ننقطع عنه أبدًا ونوسع على العيال في أرزاقهم هذا اليوم فيوسع الله علينا أرزاقنا سائر السنة .

ويأتينا بعض النابته يقولون أخرجه الطبراني في «الكبير»، وفي سنده ضعف، عبد الله بن المبارك يرد على هؤلاء، فيقول: نحن جربناه، فوجدناه صحيح، ولكن بالرغم من ذلك، إلا أن هذا الحديث قد صححه الإمام حافظ الدنيا العراقي، شيخ الحافظ ابن حجر، وصححه في عصرنا الحاضر، الشيخ أحمد بن الصديق، في «هداية الصغرا في تصحيح حديث التوسعة على العيال ليلة عاشورا».

حكم أكلة عاشورا في العاشر من محرم

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن المصريون بحسهم اللطيف، وبتجاربهم الروحية مع الله سبحانه وتعالى، اخترعوا حلاوة وأسموها عاشورا ويصنعونها في ليلة عاشوراء، والجيران يهدوها لبعضهم البعض .

وكل هذه الفرحة مردها إلى أنهم فرحوا بنجاة موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. معاني رائقة فائقة، تعلم المسلمين، وقد علمتهم؛ إنما أنا أتعجب من هذه الثقافة، التي بدأت تشيع، ثقافة وصف كل شيء بالحرمة، ووصف كل شيء بالقسوة، ووصف كل شيء بالبدعة. هذه ثقافة عفنة، لا علاقة لها بالدين، ولا علاقة لها بالدنيا. رسول الله ﷺ جاء بالقرآن، والقرآن أول ما علمنا: علمنا الرحمة: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ووصف نبيه فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} .

وهؤلاء يريدون أن يحولوا سُنَّة رسول الله ﷺ، إلى مثال عجيب، غريب، من القسوة والعنف، والصدام والخصام، وكراهية الحياة؛ بدعوى الزهد فيها؛ الزاهد للدنيا، لا يزهد إلا في شيء قد امتلكه؛ لكنه وهو لا يمتلك شيئًا، ويدعي الزهد، فهو زهد كاذب.

هل نحزن أم نفرح يوم عاشوراء؟ 

هناك من يقول أنه يوم حزن لأنهم ربطوه بذلك اليوم الذي استشهد فيه سيد شباب أهل الجنة سيدنا الحسين. لكن ليس هناك علاقة بالاحتفال بيوم نجا الله سيدنا موسى، أو سنة المصطفى ﷺ.

فاليوم الأساسي الذي فيه عاشوراء، ذكرى نجاة الله لسيدنا موسى، واحتفال المسلمين بهذا الذي يعني الكثير مما هو بين المسلمين، وبين أهل الكتاب عامة، إلى آخره من هذه المعاني، التي أرادها رسول الله ﷺ. فنحن لسنا مع من يريد هذه التغطية .

واختتم علي جمعة: بدون شك أننا نحب سيدنا الحسين، وأننا نعظمه غاية التعظيم، وأننا نجله غاية الإجلال، وأننا نحبه غاية الحب، وهذا لا يزايد علينا فيه أحد، وعلاقة المصريين بسيدنا الحسين، وبالمشهد الحسيني، وبرأسه الشريف، علاقة واضحة، ولا أحد يزايد علينا في هذا، ولا نقبل تلك المزايدة، ولكن نحن أيضًا لا نقبل أن نترك سنة من سنن سيدنا رسول الله ﷺ، لا بالصيام، ولا بالاحتفال، ولا حتى بالتوسعة.

تم نسخ الرابط