عاجل

كيف تعامل لوط عليه السلام مع انحراف قومه؟.. العلماء يوضحون

قوم لوط
قوم لوط

في واحدة من أشد صور الانحراف البشري التي وردت في الكتب السماوية، وقف نبي الله لوط عليه السلام في وجه قومه الذين ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين، ف جاهروا بالسوء، وتمادوا في العصيان، ورفضوا كل سبل الإصلاح والنصح. إلا أن النبي لوط عليه السلام لم يتوانَ في دعوته، ولم يتراجع أمام الإيذاء أو العناد، بل واصل مهمته النبوية بإخلاص وصبر، حتى جاء أمر الله بالعقاب الذي لم يُبقِ منهم أحدًا.

بداية الانحراف واستنكار النبي

جاء في كتاب الله تعالى وصفًا دقيقًا لانحراف قوم لوط، فقال عزّ وجلّ: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 80].
لقد كانت فاحشة قوم لوط – وهي اللواط – أمرًا لم يُعرف بين الأقوام السابقة، وقد بلغ الانحراف بهم حدّ المجاهرة، حتى كانوا يتباهون بالفعل القبيح، ويتحرشون بالمارة، ويدعون إليه صراحة في مجتمعاتهم.

وقد واجه نبي الله لوط عليه السلام هذا السلوك الشاذ بالإنكار الواضح والدعوة الصريحة إلى التوبة، كما قال لهم: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [الشعراء: 165-166].

أسلوب الدعوة والمواجهة

اتسمت دعوة لوط عليه السلام بالحكمة والوضوح، فقد بيّن لهم أن ما يفعلونه انحراف عن الفطرة، وعدوان على حدود الله، ودمار لمجتمعاتهم، ولكنه لم يستخدم العنف، بل استمر في النصح والتذكير، حتى حين أوذِي، وظل يتحمّل الأذى بالصبر، فقال:
﴿إِنِّي لَعَمَلَكُم مِّنَ الْقَالِينَ﴾ [الشعراء: 168]، أي من المبغضين لفعلكم، لا لكم كأشخاص، فهو نبيٌّ رحيم، غايته الإصلاح لا الإهلاك.

لكن قومه لم يستجيبوا، بل قابلوا النصح بالاستهزاء والتهديد، وقالوا له:
﴿لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ﴾ [الشعراء: 167]، فهددوه بالطرد من الأرض إن لم يترك الدعوة.

النهاية الحتمية لكل انحراف

حين اشتد العناد، وأصرّ القوم على الفاحشة، وتمادوا في الأذى، نزلت رحمة الله بلوط وأهله المؤمنين، وجاء العقاب العادل، فقال تعالى:
﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَٰبِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ﴾ [النمل: 57-58].

وقد خُسفت ديارهم، وقلِبت عاليها سافلها، وجُعلت عبرةً للعالمين.

تُعلّمنا قصة نبي الله لوط أن الانحراف عن الفطرة ليس فقط خطرًا على الفرد، بل على المجتمع بأسره، وأن المصلحين مهما قوبلوا بالاستهزاء أو الإيذاء، فإن دورهم لا يتوقف. كما أن في القصة تأكيدًا على أن الله لا يُهمل، وأن رحمته بالمؤمنين وعدله في الهالكين سنّة ماضية

تم نسخ الرابط