عاجل

دعاء اللهم استرني فوق الأرض وتحت الأرض.. رجاءٌ صادقٌ بالستر في الحياة والممات

الدعاء
الدعاء

يبقى الإنسان في أمسّ الحاجة إلى التضرع والدعاء، طلبًا للسَّكينة والرحمة، ولعل من أبرز الأدعية التي تلامس أعماق الروح وتعبّر عن حاجة العبد إلى ربه: “اللهم استرني فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك”. دعاءٌ جامع، تتجلّى فيه مشاعر الخوف والرجاء، واليقين بأن الله وحده هو القادر على ستر العبد في كل حالاته، من الدنيا حتى الآخرة.

الدعاء بالستر، في حقيقته، لا يقتصر على مجرد تغطية العيوب أو إخفاء الزلات، بل هو مفهوم واسع

شرح مفردات الدعاء:

1. “اللهم استرني فوق الأرض”:
• المقصود: طلب الستر في الحياة الدنيا.
• المعنى: يسأل العبد ربه أن يستره بين الناس، فلا يُفضح بعيب، ولا يُهتك له ستر، ولا يُكشف له سر، وأن يصونه من الذنوب والمعاصي، ومن الوقوع في ما يُخزي أو يُحرج.
• يشمل أيضًا: ستر الحال، والعافية، والرزق الطيب، والسمعة الحسنة، والتوفيق في الحياة العامة والخاصة.

2. “وتحت الأرض”:
• المقصود: طلب الستر في القبر، بعد الموت.
• المعنى: يتوسل العبد إلى الله أن يستره في قبره، فلا يكون قبره حفرة من حفر النار، بل روضة من رياض الجنة، وأن يُجنّبه عذاب القبر، وفتنته، ووحشته.
• ويتضمّن أيضًا: أن يكون مستورًا بين يدي ملَكيْ السؤال (منكر ونكير)، وأن يُثبّت بالقول الثابت، فلا يُفتضح حاله بعد الموت.

3. “ويوم العرض عليك”:
• المقصود: طلب الستر يوم القيامة، يوم الوقوف بين يدي الله للحساب.
• المعنى: يسأل العبد ربه ألّا يُفضَح يوم القيامة أمام الخلق، يوم تُكشَف الأسرار، وتُعرض الأعمال، وتظهر الذنوب التي خفيت عن الناس.
• ويتمنى العبد أن يكون من الذين يُنادَون باسمهم ويُكرَمون، لا من الذين يُنادَون على رؤوس الأشهاد ويُفتضحون، وأن يُحاسب حسابًا يسيرًا
يشمل السلامة من الفضيحة، والعافية من البلاء، والتوفيق في القول والعمل، وطمأنينة القلب، ونقاء السريرة. وعندما يدعو المؤمن بـ”اللهم استرني فوق الأرض”، فإنه يرجو من الله ستر حاله في حياته، أمام الناس، وفي معاشه وأفعاله، وأن يُجنّبه الخزي أو الذل أو الانكشاف بما لا يليق.

ويتفق العلماء على أن هذا الدعاء وإن لم يرد بلفظه الكامل في الأحاديث النبوية الصحيحة، إلا أن معناه صحيح، ومشروع، ويجمع بين طلب الرحمة والمغفرة، والخوف من العاقبة، والرجاء في ستر الله الدائم. فالله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه: “إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعًا عليمًا” [النساء: 148]، وهو القائل أيضًا: “يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ” [غافر: 19]، فمَن للعبد سوى خالقه، يستره حين يعجز الناس عن فهمه أو نصره.

تم نسخ الرابط