مجلس النواب يحسم ملف "الإيجار القديم" في جلسته اليوم

بعد جلسة عاصفة أمس، يعود مجلس النواب اليوم لمناقشة قانون الإيجار القديم في محاولة لحسم أحد أكثر الملفات الشائكة التي طالما أثارت جدلًا بين المالكين والمستأجرين، وسط توتر ملحوظ بين النواب من جهة، والحكومة من جهة أخرى، بسبب ما وصف بـ"ضعف الإعداد وغياب البيانات الدقيقة" حول الفئات المتأثرة بالقانون.
وكان المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، قد أعلن في ختام جلسة الأمس تأجيل مناقشة مواد مشروع القانون إلى جلسة اليوم، استجابة لطلب الأغلبية البرلمانية، بعد ما وصفه بـ"عدم الجاهزية الكافية من جانب الحكومة".
الحكومة بلا أرقام واضحة.. والنواب غاضبون
تصاعد التوتر داخل القاعة بعد عرض المستشار خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيانات اعتبرها البعض "مثيرة للجدل"، إذ استند الجهاز إلى تعداد 2017 لتحديد عدد المستأجرين الأصليين باعتبار كل من تجاوز الستين عامًا وقتها هو "مستأجر أصلي"، وهو ما اعتبره بعض النواب تعريفًا فضفاضًا لا يراعي تغيرات الواقع ولا يحسم الفروق بين الأجيال المستفيدة من الإيجار القديم.
وبحسب البيانات الرسمية، فإن عدد المستأجرين الأصليين يبلغ نحو 409 آلاف و276 مستأجرًا، بينما يصل إجمالي المستأجرين ممن تجاوزوا سن الستين إلى مليون و600 ألف، يتوزعون بشكل متفاوت بين المحافظات، تتصدرهم القاهرة والدقهلية والإسكندرية والجيزة.
رئيس النواب: "البيانات تخلو.. تخلو.. تخلو!"
في مشهد عكس حجم الغضب تحت القبة، وجه رئيس المجلس انتقادًا مباشرًا للحكومة، قائلاً إن البيانات التي تم تسليمها للأمانة العامة صباح الجلسة "تفتقر إلى أساسيات ضرورية"، مضيفًا: "البيانات تخلو، إلا أنها تخلو، إلا أنها تخلو.. من تحديد دقيق لعدد المستأجرين الأصليين، وعدد الجيل الأول ممن امتد لهم العقد".
ثم توجه إلى الحكومة بسؤال مباشر: "هل هناك صعوبة لدى جهاز الإحصاء ومركز دعم القرار في تقديم هذه الأرقام؟ وهل عجزت الحكومة عن إعداد تصور واضح لقضية بهذه الحساسية؟".
الأزمة في أرقام أم في رؤية؟
وبينما شدد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية، على أن لقاءات عُقدت مع ممثلي الهيئات البرلمانية لتبادل المعلومات حول البيانات الجديدة، اعترف بأن "ضيق الوقت حال دون عرضها تفصيليًا في الجلسة العامة"، وهو ما اعتبره عدد من النواب تقصيرًا يهدد فرص الوصول إلى توافق حول القانون.
وفي الكواليس، تقول مصادر برلمانية إن السبب الحقيقي وراء التأجيل لا يقتصر على نقص البيانات، بل يعود أيضًا إلى غياب توافق سياسي بين الكتل حول صيغة معالجة الملف، وخاصة فيما يتعلق بالموازنة بين حق المالك في استعادة ملكه وحق المستأجر في السكن الآمن.
ما المنتظر من جلسة اليوم؟
جلسة اليوم تبدو مصيرية في مسار قانون الإيجار القديم، حيث من المقرر أن يتم إعادة فتح مناقشة المواد الأساسية في مشروع القانون، وسط توقعات بطرح تعديلات جديدة أو مقترحات من جانب النواب لتعويض قصور البيانات، إما بتأجيل البت مجددًا لحين استكمال الدراسات، أو بإحالة الموضوع إلى لجان نوعية لمزيد من البحث.
وتتركز المطالب النيابية حاليًا في ثلاث نقاط رئيسية:
تحديد دقيق لأعداد المستأجرين الأصليين والممتد إليهم العقود.
توفير حصر حقيقي بعدد العقارات المؤجرة وفقًا للقانون القديم وموقعها الجغرافي.
وضع تصور واضح للسكن البديل قبل تنفيذ أي تعديلات جذرية تمس الأسر محدودة الدخل.
في الخلفية: معركة رأي عام لا تهدأ
بخلاف المعركة تحت القبة، تشهد الساحة العامة حالة انقسام متجدد بين المالكين الذين يعتبرون القانون القديم "انتهاكًا لحق الملكية"، وبين مستأجرين يخشون التهجير في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات، ويضع القانون الجديد مجلس النواب أمام اختبار التوازن بين العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق الدستورية.