عاجل

في حال إهانة الأب للأم.. كيف يتصرف الأولاد بما يرضي الله؟ علماء الدين يوضحون

عنف الزوجة
عنف الزوجة

تُعد الأسرة في الإسلام ميدانًا أساسيًا للسكينة والمودة، كما وصفها القرآن الكريم:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

لكن في بعض البيوت، تهتز هذه السكينة حين يُقدِم الأب ــ وهو القائم على الأسرة ــ على إهانة الأم أمام الأبناء، فتقع الأسرة في امتحان عسير من حيث الشرع، وتُطرح تساؤلات : كيف يتصرف الأولاد في مثل هذا الموقف؟ وهل من بر الأب السكوت على الظلم؟ وما هو الموقف الذي يرضي الله عز وجل دون الوقوع في العقوق أو التقصير في حق الأم؟

التوازن بين بر الوالدين ونصرة المظلوم

يؤكد علماء الشريعة أن بر الوالدين فريضة عظيمة، لكنها لا تعني تأييد الظلم أو السكوت على الباطل. فالإسلام أمر بالإحسان إلى الوالدين دون أن يجعل ذلك مبررًا للسكوت عن الظلم إذا صدر منهما، لقوله تعالى:

﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، حتى في حال كونهما غير مؤمنين.

ومن هنا، يقول أحد العلماء:“الابن الذي يرى أباه يسيء إلى أمه لا يجوز له أن يشارك في هذا الظلم، ولا أن يُقرّه في قلبه أو بلسانه، ولكن عليه أن يتصرف بحكمة لا تجرح والده ولا تزيد الأمر سوءًا”.

إنكار المنكر برفق.. من السنة النبوية

النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” [رواه مسلم].

وانطلاقًا من هذا الحديث، يُفهم أن الأولاد إذا رأوا والدهم يُهين الأم، فعليهم أن يُنكروا المنكر بالأسلوب اللين والكلمة الطيبة، لا بالصراخ أو التجريح أو العقوق.

وقد يكتفي الأبناء ـ خاصة إن كانوا صغار السن ـ بالامتناع عن الضحك أو المشاركة في الإهانة، أو بإظهار الحزن والتعاطف مع الأم، فهذه إشارات لها أثر عند الأب وتُعد إنكارًا بالقلب.

الدعاء والصبر والنصح الخفي

من الوسائل التي يحث عليها الشرع في هذه الحالة الدعاء للأب بالهداية، ومحاولة نصحه دون تعريضه للإحراج، مع اختيار وقت مناسب، كأن يقول أحد الأبناء:“يا أبي، أنت قدوتي في الرحمة والعدل، وقد أوصانا الله بالأمهات خيرًا، فرفقًا بأمي”.

مثل هذا الأسلوب قد يؤثر أكثر من المواجهة المباشرة أو اللوم العنيف.

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

وفي الختام، يذكّر علماء الدين بقاعدة عظيمة وضعها النبي صلى الله عليه وسلم: “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق” [رواه أحمد].

فإذا أمر الأب أبناءه أن يسكتوا عن إهانته لأمهم، أو أن يشاركوا في أذيتها، فإنهم لا يطيعونه، لكنهم يحفظون الأدب معه، ويدعون له، ويحاولون نصحه، وفي الوقت ذاته، يُساندون أمهم بما لا يُحدث فتنة أو يزيد الخلاف

تم نسخ الرابط