حق الطريق في الإسلام.. ماذا قال عنه النبي ﷺ؟ العلماء يوضحون

يُعد احترام الطريق وآدابه من الموضوعات التي اهتم بها الإسلام مبكرًا، وبيَّن تفاصيلها النبي محمد ﷺ في أكثر من موقف ، فالطريق ليس مجرد ممر عبور بين الناس، بل هو مساحة يتشاركها الجميع ، ويجب أن تُدار فيها السلوكيات بضوابط وأخلاقيات.
وفي هذا السياق ، تأتي توجيهات النبي ﷺ لتُرسّخ قواعد “حق الطريق” بوصفه مبدأ اجتماعيًّا راقيًا، يُنظّم حركة الناس، ويمنع الاعتداءات، ويُشيع القيم الأخلاقية في الفضاء العام.
الحديث النبوي الشريف
روى الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ:“إياكم والجلوس في الطرقات ”قالوا: يا رسول الله، ما لنا بدٌّ من مجالسنا، نتحدث فيها.
قال: “فإذا أبيتم إلا المجالس، فأعطوا الطريق حقه.”قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟
قال:“غض البصر، وكفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.”
بهذا الحديث، يضع النبي ﷺ ميثاقًا أخلاقيًّا واجتماعيًّا لتنظيم ما يحدث في الطرقات، ويُحول الأماكن العامة من فضاء للفوضى أو الإهمال، إلى ساحة للقيم والتعاون والاحترام المتبادل.
معاني الحديث
“إياكم والجلوس في الطرقات”: تحذير من احتلال الطرقات أو تعطيل المارة، لأن ذلك يُفضي عادة إلى مشكلات كثيرة مثل التطفل على الناس، والتعدي على خصوصياتهم، وربما إيذاءهم بالنظر أو الكلمة.
“فأعطوا الطريق حقه”: يدل على أن الطريق له حرمة، وحقوق يجب على من يجلس فيه أو يمر منه أن يؤديها، تمامًا كما يؤدي الإنسان حق المال أو حق الجار.
“غض البصر”: من أول الحقوق، ويعني عدم التحديق في الناس أو التطفل على خصوصياتهم، وخاصة النساء.
“كفّ الأذى”: أي عدم إيذاء الآخرين، لا بالفعل كالرمي بالأوساخ، ولا بالقول كالتعليقات الجارحة أو الألفاظ النابية.
“ردّ السلام”: من آداب الطريق، وهو ما يُشيع المحبة والتآلف بين الناس.
“الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”: بمعنى أن يبقى الطريق بيئة تحفّز على الخير وتنهى عن السلوكيات الخاطئة، في حدود الأدب والحكمة.
أهمية الحديث في الواقع المعاصر
رغم مرور أكثر من 1400 سنة على هذا الحديث، إلا أن مضامينه لا تزال صالحة لكل زمان ومكان. ففي عصر الازدحام والمدن الكبيرة، تصبح القيم النبوية هذه أكثر إلحاحًا؛
غض البصر يُعالج التحرش.
كفّ الأذى يمنع المضايقات في المواصلات.
رد السلام يُعيد دفء العلاقات بين الناس.
الأمر بالمعروف يُغرس السلوك الإيجابي.