ما هو اللهو المباح وضوابطه في الشريعة الإسلامية؟ العلماء يوضحون

يعود الحديث مجددًا عن مفهوم “اللهو المباح” في الإسلام، وهو المصطلح الذي يُشير إلى الترويح عن النفس بأنشطة لا تخالف أحكام الشريعة. وبينما يعتقد البعض أن الإسلام يُضيّق على أتباعه في التسلية والمرح، يؤكد العلماء أن الدين الإسلامي يعترف بحاجة الإنسان إلى الراحة والفرح، شريطة أن يكون ذلك في إطار منضبط.
وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أن اللهو المباح مشروعٌ في أصله، إذا لم يشتمل على محرم أو يُلهِ عن واجب.
تعريف اللهو المباح
يعرف العلماء “اللهو المباح” بأنه كل نوع من أنواع الترفيه أو التسلية أو الراحة النفسية التي لا تحتوي على معصية، ولا تؤدي إلى ضياع حق، ولا تُلهي عن فريضة. ويدخل في ذلك: اللعب الرياضي، ومشاهدة برامج مفيدة، والخروج مع الأسرة في نزهة، وسماع الأناشيد، وممارسة الهوايات، وغيرها.
ويستدل العلماء على مشروعيته بما روي عن النبي ﷺ أنه كان يمازح أصحابه، ويسابق زوجته عائشة، ويُشاهد لعب الحبشة في المسجد، وقال لها: “لتعلم يهود أن في ديننا فسحة”.
ضوابط اللهو المباح
بحسب ما أكده الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، فإن الترفيه المباح لا بد أن يلتزم بعدة ضوابط:
1. ألا يتضمن شيئًا محرمًا، كالكذب، أو السخرية من الناس، أو كشف العورات.
2. ألا يُفضي إلى إهمال الواجبات، كالصلاة أو بر الوالدين أو الدراسة.
3. ألا يكون إدمانًا يمنع الفرد من أداء دوره في الحياة.
4. ألا يُرافقه اختلاط غير منضبط بين الجنسين، أو سلوكيات منافية للحياء.
5. أن يكون وسيلة للتوازن النفسي والبدني، لا طريقًا للغفلة الدائمة.
اللهو المباح في حياة النبي ﷺ
ثبت في السيرة النبوية أن رسول الله ﷺ لم يكن جافًا أو متشددًا، بل كان يضحك ويبتسم ويمازح أصحابه. تقول السيدة عائشة: “كان رسول الله ﷺ يسابقني فسبقته، ثم سابقني فسبقني، فقال: هذه بتلك”. كما روى الصحابة أنه أذن للحبشة باللعب في المسجد بالحراب، ووقف يشاهدهم ويشجعهم، ما دام في الأمر إظهارٌ لسماحة الدين.
وبناءا على ذلك:
اللهو في الإسلام ليس مذمومًا في ذاته، بل هو مباحٌ بشرط ألا يتجاوز حد الاعتدال أو يُستخدم في معصية. ويُشجع الإسلام على الترفيه المشروع بوصفه وسيلة لاستعادة النشاط ومقاومة التوتر والملل، خاصة في زمنٍ تكثر فيه الضغوط النفسية.
وهكذا يُظهر الإسلام توازنه بين الروح والجسد، والعمل والراحة، والجد واللعب، ليؤسس لحياة متوازنة تبني الإنسان دون أن تُنهكه