ما حكم ختان الإناث في الشريعة الإسلامية؟ علماء الأزهر والإفتاء يوضحون

لا تزال قضية ختان الإناث تثير جدلاً واسعًا في الأوساط الدينية والطبية والاجتماعية، خاصة مع تصاعد الأصوات التي تنادي بوقف هذه الممارسة بدعوى أنها تلحق الضرر الجسدي والنفسي بالفتيات. وفي ظل هذا الجدل، تبرز تساؤلات حقيقية حول حكم ختان الإناث في الإسلام، وهل هو سنة ثابتة أم عادة ثقافية تسربت إلى المجتمعات باسم الدين.
في هذا السياق، أجمعت المؤسسات الدينية الكبرى في العالم الإسلامي، وعلى رأسها دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف، على أن ختان الإناث ليس واجبًا شرعيًّا، ولا سُنة مؤكدة، بل هو من قبيل العادات الاجتماعية التي ارتبطت ببعض الثقافات، ولا دليل قاطع في الشرع يوجبها أو يوصي بها.
أدلة النفي والتحقيق
تستند هذه المؤسسات في موقفها إلى أن القرآن الكريم لم يذكر ختان الإناث في أي موضع، كما أن الأحاديث النبوية الواردة في هذا الباب ضعيفة أو غير ملزمة.
من أبرز الأحاديث التي يستدل بها البعض، ما رُوي عن النبي ﷺ أنه قال لأم عطية – وكانت تقوم بختان الفتيات –:
“أشمي ولا تنهكي، فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج” [رواه أبو داود].
لكن هذا الحديث ضعفه معظم أهل الحديث، وبيّن العلماء أن سنده مضطرب ومتنُه غير صريح في الدلالة على مشروعية الختان، كما أنه لا يتضمن أمرًا أو نهيًا تشريعيًا واضحًا، بل توجيهًا لو كان الختان واقعًا.
وقد أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى رسمية أن:
“ختان الإناث من العادات، وليس من شعائر الإسلام، وأن جميع ما ورد فيه من الأحاديث ضعيف لا تقوم به حُجّة، ولا يدل على الوجوب أو السنية”.
لا ضرر ولا ضرار
من ناحية فقهية، اعتمد العلماء المعاصرون على قاعدة “لا ضرر ولا ضرار”، واعتبروا أن ما ثبت طبيًا من أضرار جسدية ونفسية لختان الإناث يجعل من فعله اعتداءً لا يجوز شرعًا. وقد قرر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن “الختان عادة لا علاقة لها بالدين، ويجب منعه لما فيه من ضرر مؤكد”.
كذلك، تؤكد الشريعة على حفظ النفس وصون الكرامة، وهما من مقاصدها الكبرى. فكل ممارسة تلحق الأذى بالإنسان، دون فائدة معتبرة شرعًا، تُعد محرّمة أو على أقل تقدير منكرة