ما المقصود بقوله تعالى وإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِ

أوضحت دار الإفتاء المصرية في بيان رسمي صادر عن قسم الفتوى الإلكترونية أن قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، هو أمر إلهي يُراد به تعظيم كلام الله عز وجل والتأدب عند سماعه، وهو توجيه يشمل جوانب عدة من حياة المسلم، سواء داخل الصلاة أو خارجها، بحسب ما ورد في تفسير كبار العلماء.
وأشارت الدار إلى أن الاستماع المقصود في الآية ليس مجرد السماع العابر، بل هو الإنصات الواعي المصحوب بتدبر وتوقير، لأن القرآن الكريم ليس كأي كلام، بل هو كلام الله الذي يُتلى لتُستخرج منه الهداية، وتتحقق به الرحمة لمن أنصت وتدبر.
وأكدت الدار في تفسيرها أن جمهور العلماء يرى أن هذه الآية نزلت في شأن الصلاة، وتحديدًا أثناء الاستماع لقراءة الإمام في الصلاة الجهرية، حيث يجب على المأموم أن ينصت ولا يقرأ في الوقت الذي يتلو فيه الإمام القرآن. وقد نقل الطبري وابن كثير عن عبد الله بن مسعود وأبي هريرة وغيرهما أن هذه الآية نزلت في هذا السياق.
وفي بث مباشر عبر منصات دار الإفتاء المصرية ، أوضح الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى، أن “الاستماع للقرآن عبادة مستقلة، وهو ما تؤكده الآية الكريمة، خاصة في مواطن التلاوة العامة، كخُطب الجمعة، أو الصلاة الجهرية، أو حلقات الذكر والدرس”. وأضاف: “لا يصح للسامع أن يعبث أو يتحدث أو ينشغل عند سماع القرآن، فذلك يُعد نوعًا من سوء الأدب مع كلام الله”.
هل يشمل الأمر الاستماع في كل حال؟
أجابت دار الإفتاء بأن الأمر الإلهي في الآية وإن كان في أصله مرتبطًا بالصلاة، إلا أن عمومه يشمل كل موطن يُتلى فيه القرآن، إذا ترتب على الإنصات فيه مصلحة دينية أو تعظيم لشعيرة. فالإنصات لقراءة الإمام في صلاة الجمعة، أو في التراويح، أو أثناء التلاوة في الإذاعة أو التلفاز في المجالس العامة، يدخل ضمن المعنى الواسع للآية.
وأضافت الدار أن الإنصات لا يُطلب في حال كان الإنسان يمرّ بجوار مقرئ أو قناة تبث القرآن دون قصد منه للاستماع، مشيرة إلى أن الإنصات عبادة يُشترط فيها الانتباه والنية، وليس مجرد وجود صوت التلاوة في الخلفية.
عواقب التهاون في الإنصات
حذرت دار الإفتاء من التهاون في الالتزام بأدب الاستماع للقرآن الكريم، خصوصًا في المساجد والخطب والمناسبات الدينية، معتبرة أن عدم الإنصات أثناء التلاوة قد يوقع في الإثم، لأن فيه استخفافًا بكلام الله، وهو مما لا يليق بمسلم يوقر ربه.
وفي هذا السياق، نبهت الدار إلى ضرورة تعويد الأطفال والناشئة على احترام كلام الله عند تلاوته، وأن يُغرس فيهم هذا الأدب منذ الصغر، كما فعل النبي ﷺ مع الصحابة حين علّمهم الهيبة والتعظيم عند سماع القرآن