أسباب إشادة صندوق النقد الدولي بجهود الحكومة المصرية وكيف تحقق المطلوب

يطرح المتابعون للشأن الاقتصادي سؤال هام عن أسباب إشادة صندوق النقد الدولي بجهود الحكومة المصرية وكيف تحقق الحكومة المطلوب منها.
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح، إن إشادة صندوق النقد الدولي ليست مجرد كلمات دبلوماسية، بل هي انعكاس لخطوات إصلاحية حقيقية تتخذها مصر بهدف تحسين وضعها الاقتصادي.
برنامج إصلاحات اقتصادية جوهرية
وأضاف أبو الفتوح لـ “نيوز رووم” أن اشادة الصندوق مصدرها تنفيذ الحكومة لبرنامج إصلاحات اقتصادية جوهرية، وهذه الإصلاحات تتركز حول تقليل الإنفاق الحكومي، وهو ما يعني أن الدولة تسعى لضبط نفقاتها بما يتناسب مع إيراداتها.
وأوضح أن الحكومة تعمل ايضا على تحسين كفاءة تحصيل الضرائب وجعل الأمور المالية أكثر شفافية، معلقًا: “في تقديري هذه الخطوات تهدف إلى السعي نحو بناء اقتصاد قوي ومستقر على المدى الطويل فالصندوق – رغم الانتقادات الموضوعية الموجه اليه - يبحث عن الاستقرار المالي الذي يضمن قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وتنمية اقتصادها بشكل مستدام”.
كيف تحقق الحكومة المطلوب؟
وأشار إلى أن الحكومة تتخذ قرارات صعبة لكنها ضرورية من أجل تحقيق هذه الأهداف، ومن أهم هذه القرارات تقليص الدعم على الطاقة والمواد الغذائية، وهذا الإجراء وإن كان له تأثير مباشر على المواطن ومحل انتقادات داخليه كبيره، إلا أنه يهدف إلى توفير الأموال وتقليل عجز الميزانية. كما أن الحكومة تسعى إلى تحسين بيئة الأعمال، وذلك يعني تبسيط الإجراءات أمام الشركات والمستثمرين المحليين والأجانب، وهذا يمكن أن يجذب المزيد من الاستثمارات ويخلق فرص عمل جديدة.
ولفت إلى أن ما يثير القلق هو التأثير المباشر لهذه القرارات على حياة المواطنين، فالمواطن العادي بدأ يشعر بشدة ارتفاع الأسعار وقلة الدعم، وهذا يشكل ضغطاً كبيراً على الأسر المصرية، خاصة فئة محدودة الدخل، والتوجه يمثل مخاطر حقيقية لا يُستهان بها، ويؤثر على ثقة المواطنين في الحكومة إذا شعروا أن الظروف المعيشية تزداد صعوبة بدون الشعور بتحسن ملموس في الأحوال المعيشية، وهذا ما ما ينعكس في صورة تزعزع الثقة في رسائل الطمئنة الرسمية، لأن التحسن الاقتصادي لم يترجم بعد إلى تحسن ملموس في حياتهم اليومية.
ويى الخبير الاقتصادي أن الأثر النفسي لهذه السياسات يفوق أهمية الأرقام في الوقت الراهن، فالناس ينتظرون رؤية نتائج واضحة، مثل تحسن في مستوى المعيشة، وليس مجرد أرقام على الورق، فهذه القرارات جاءت متأخرة بعض الشيء، لكنها لا تزال ضرورية لمعالجة المشاكل الهيكلية للاقتصاد، كما أن الأزمة الحالية لن تحل بسهولة، لكن الجهود الجارية قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح.
وتابع: هذه القرارات تقلقني بشكل خاص لأنها تحمل المواطن عبئاً كبيراً. في تقديري، يجب أن تكون هناك جهود مشتركة ومتوازنة وحوار شفاف بين الحكومة، والشركات الكبرى، والمجتمع المدني والمواطنين لتحقيق هذا التوازن، وبرغم التحديات، يوجد بوادر إيجابية تستحق الدعم، مثل تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية، كما أن الفرصة لا تزال قائمة لتصحيح المسار إذا ما تم التركيز على تحسين حياة المواطنين بالتوازي مع الإصلاحات الاقتصادية.
وأكد أن الحلول المؤقتة لم تعد كافية، فنحن نحتاج إلى حوار وطني أوسع يشمل جميع الأطراف لضمان أن القرارات تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية؛ فمصر قادرة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي إذا استمرت في هذا المسار، مع ضرورة الاهتمام باحتياجات المواطنين.
تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الكلي
وأشادت مديرة إدارة الاتصال في صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، بالتقدم الكبير الذي أحرزته مصر في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الكلي، مؤكدة أن البلاد تشهد تحسنًا ملحوظًا في عدة مؤشرات رئيسية، أبرزها تباطؤ معدلات التضخم وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي.
وفي تصريحات صحفية أدلت بها، اليوم الخميس، شددت كوزاك على التزام صندوق النقد الدولي المتواصل بدعم مصر في مسيرتها نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي وبناء اقتصاد أكثر مرونة وتنافسية.
نقاشات مثمرة مع الحكومة
وأوضحت المسؤولة الدولية أن فريقًا من خبراء الصندوق أجرى مؤخرًا مناقشات فنية مع السلطات المصرية ضمن إطار "تسهيل الصندوق الممدد"، وهو البرنامج المتفق عليه بين الجانبين، والذي يهدف إلى دعم استقرار الاقتصاد الكلي وتحفيز النمو المستدام.
وقالت كوزاك إن هذه اللقاءات تناولت مراجعة أداء السياسات الاقتصادية، مشيرة إلى أنها كانت مثمرة وشملت تقييم الإجراءات الحكومية الأخيرة ومناقشة الخطوات المطلوبة لاستكمال المراجعة الخامسة للبرنامج.