أحمد الرخ: الدعاء لا يُغني عن العمل .. والتوكل لا يعني التواكل|فيديو

أكد الدكتور أحمد الرخ، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله وأجملوا في الطلب"، ليس مجرد عبارة توجيهية أو أخلاقية، بل هو مبدأ متكامل يجمع بين التقوى، والمراقبة، والعمل الصالح، ويرسم خريطة واضحة لطلب الرزق بطريقة مشروعة ومؤثرة.
جاء ذلك خلال ظهوره في برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد، حيث أوضح أحمد الرخ أن هذا الحديث النبوي الشريف يركز على ضرورة السعي الحلال للرزق، وإجمال الطلب دون لهفة أو مخالفة للشرع، مشيرًا إلى أن العمل الحلال هو من أعظم القربات إلى الله، بشرط أن يُتقن ويُؤدى بإخلاص.
سلوك المؤمن في طريق الرزق
أوضح الدكتور أحمد الرخ أن "الإجمال في الطلب" يتجلى في اتباع الطرق المشروعة في كسب الرزق، وعلى رأسها العمل الجاد والإخلاص فيه، مضيفًا أن الإسلام لم يكتفِ بحث المسلم على العمل فقط، بل ألزمه بالإتقان، وجعل ذلك أحد معايير محبة الله لعبده.
واستشهد الر أحمد الرخ بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما فرغ من دفن أحد الموتى، وأمر بتسوية اللحد، فسأله الصحابة: "أهي من السنة؟"، فأجاب: "أما إنه لا ينفع الميت ولا يضره، ولكن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يُحسنه"، موضحًا أن هذا الحديث يكشف سرًا من أسرار محبة الله، وهو الإتقان في العمل.
ركيزة الإحسان ومفتاح الإتقان
أكد الرخ أن المراقبة لله تعالى هي الأساس الحقيقي الذي يدفع المؤمن إلى الإتقان، مشيرًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في تعريف الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، لافتًا إلى أن من يعمل بروح المراقبة لا يغش، ولا يخون، ولا يتكاسل، بل يجتهد ليُرضي الله أولًا.
وشدد على أن الإتقان في العمل ليس رفاهية، بل واجب ديني، وأن كل حركة يقوم بها المسلم يجب أن تُنضبط بنيّة خالصة ومراقبة صادقة لله.
الدعاء وحده لا يكفي
بيّن الرخ أن التوازن بين الدعاء والعمل جوهري في الإسلام، واستدل بآية من سورة آل عمران، حيث قال الله: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم}، رغم أن السياق كان في مقام الدعاء، مشيرًا إلى أن الاستجابة الإلهية جاءت بالحديث عن العمل، لا عن الدعاء فقط، مما يدل على أهمية الجمع بين التوجه لله والأخذ بالأسباب.
وأشار أحمد الرخ إلى موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين رأى قومًا في المسجد بعد صلاة الجمعة، فقال لهم: "من أنتم؟"، قالوا: نحن المتوكلون، فرد عليهم قائلاً: "بل أنتم المتواكلون.. لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ثم يقول: اللهم ارزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة.

السعي والعمل.. جوهر التوكل الحقيقي
اختتم الدكتور الرخ حديثه بالتأكيد على أن التوكل لا يتنافى مع العمل، بل يتطلبه، موضحًا أن المؤمن الحقيقي هو من يسعى ويجتهد، ويثق في أن رزقه من عند الله، لكنه لا ينتظر دون حركة.
وقال: "طريق الحلال يبدأ بالسعي والإتقان والمراقبة.. فمن أراد رزقًا مباركًا فليتبع سنة النبي في طلبه، وليجمع بين التقوى والإجمال في الطلب." وبذلك يُجدد الدكتور أحمد الرخ التأكيد على أن الإسلام دين عمل وعقل وتخطيط، لا مكان فيه للتواكل أو الاتكال دون بذل جهد حقيقي.