عاجل

وقت السحر.. نافذة الرحمة الإلهية في ظلمة الليل وموعد الاستجابة

الاستغفار
الاستغفار

حين يلفّ السكون الأرض، ويغيب صخب الحياة خلف جدران النوم، يظلّ باب من أبواب السماء مفتوحًا لا يُغلق، ويبقى الثلث الأخير من الليل الذي يعرف بوقت السحر يُنادي فيه الله عز وجل عباده بنداء ملؤه الرحمة والمغفرة، داعيًا السائلين والداعين والمستغفرين أن يُقبلوا عليه.

في هذه اللحظات الساكنة من الليل، يُمنح العبد فرصة من أعظم فرص التقرب إلى الله، وقتٌ عُرف في القرآن والسنة بفضله ومكانته، وهو “وقت السحر”، الذي يُعدّ سرًّا من أسرار الطمأنينة ومفتاحًا من مفاتيح الفرج وتيسير الأرزاق.

السنة النبوية: نداء رباني لا ينقطع

روى البخاري ومسلم عن النبي ﷺ أنه قال: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟”

نداء لا يسمعه إلا القلوب المتيقظة، والأنفس المتعطشة للغفران، والباحثة عن السكينة في زمن يضجّ بالهموم والضغوط.

الاستغفار وقت السحر.. عبادة خفية وأثر باقٍ

الاستغفار في هذا الوقت ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو توبة صادقة، وتجديد للعهد مع الله، وهو رجاء يُبعث من أعماق القلب، يعبّر فيه الإنسان عن ضعفه وحاجته، ويرجو مغفرة ربه ورحمته.

أدعية مأثورة للاستغفار في السحر:

• “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.”
• “اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، أوله وآخره، علانيته وسره.”
• “رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم.”
• “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني.”
• “اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت… فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.” (سيد الاستغفار)

الاستغفار مفتاح للرزق وتفريج الكرب

أشار القرآن الكريم إلى العلاقة الوثيقة بين الاستغفار ونزول الخيرات، في قوله تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام:
“فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا، يُرسل السماء عليكم مدرارًا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهارًا” [نوح: 10-12].

وهو وعد إلهي بأن في الاستغفار بركة لا تنفد، وسعة في الرزق لا تُحصى، ورحمة تحلّ على المستغفر وأهله وبيته.

دقائق تصنع الفرق

الوقوف بين يدي الله في تلك اللحظات، حتى ولو لدقائق، قد يكون سببًا في تبديل الحال، وتيسير المعسر، وشفاء المريض، واستجابة الدعوات التي طال انتظارها. وهي لحظة تُعيد الإنسان إلى فطرته، وتذكّره بضعفه بين يدي القوي المتين.

فلا تفوّت وقت السحر في الليل، واجعل لك فيه نصيبًا دائمًا، فربما كانت تلك الدقائق المفتاح لتغيير قدرك وفتح أبواب لم تكن تتوقعها

تم نسخ الرابط