عاجل

ما حكم ترك السعي بين الصفا والمروة في الحج؟.. دار الإفتاء توضح

السعي بين الصفا والمروة
السعي بين الصفا والمروة

مع اقتراب موسم الحج وتوافد الحجاج من 
مختلف أنحاء العالم، تكثر التساؤلات حول تفاصيل أداء المناسك وشروط صحتها، خاصةً فيما يتعلق بالأركان الأساسية التي لا يصح الحج بدونها. من بين هذه الأركان، يبرز السعي بين الصفا والمروة كركن جوهري فرضه الله تعالى على الحجاج، وهو من الشعائر التي تميز فريضة الحج عن غيرها من العبادات وقد ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عن حكم ترك السعي بين الصفا والمروة في الحج؟

السعي بين الصفا والمروة

وأجابت الدار في ذلك: إذا كان الحاج متواجدًا في مكة ولم يغادرها، فعليه أن يعود لأداء السعي بين الصفا والمروة، ولا بأس أن يفصل بين السعي وطواف الإفاضة حتى وإن طال الزمن بينهما.
أما إذا تعذر عليه العودة إلى مكة مرة أخرى، فلا يلزمه الرجوع، لكنه يجب عليه أن يذبح دمًا – عادةً شاة – كما ذهب إليه مذهب الحنفية ومن تبعهم. وإذا عجز عن أداء الفدية بسبب ضيق الحال، فيكون حجه صحيحًا ولا يُطلب منه شيء، وفقًا لرأي من يرى أن السعي في الحج سنة وليس فرضًا.
وفيما يتعلق بالأفعال التي تأتي بعد ذلك، من الأفضل الالتزام برأي العلماء وتجنب المخالفة.
وأما طواف الوداع، فهو آخر ما يقوم به الحاج بعد الانتهاء من جميع المناسك، ولا يجوز له أداء السعي بعده حسب المذهب الشافعي

مفهوم السعي بين الصفا والمروة
السعي لغةً: المشيُ والعَدْوُ مِن غيرِ شَدٍّ؛ قال العلامة الزبيدي في "تاج العروس" : [(سَعَى) الرجُلُ (يسعَى سَعْيًا، كرَعَى) يَرعَى رَعْيًا: إذا (قَصَدَ).. (و) سَعَى لهم وعليهم: (عَمِلَ) لهم فكَسَبَ. (و) سَعَى: إذا (مَشَى)، زاد الراغبُ: بسرعةٍ. ومنه: أُخِذَ السعي بين الصفا والمروة. (و) سَعَى: إذا (عَدَا)، وهو دون الشَّدِّ وفوق المشي] اهـ.

والسعي شرعًا: المشي بين جبلي الصفا والمروة سبعةَ أشواطٍ بعد طوافٍ في نُسُكِ حجٍّ أو عُمرةٍ؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158].

الحكمة من تحديد السعي بين الصفا والمروة بسبعة أشواط
أمَّا علة السعي بين الصفا والمروة وكونه مُحدَّدًا بسبعة أشواط، فإن هذا من الأحكام غير معقولة المعنى، والتي يُعَبِّر عنها الأصوليون بالتعبدية؛ فالسعي ثبتت مشروعيته بأمر الله سبحانه وتعالى؛ كما في الآية السابقة.

وثبت أيضًا بفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد أخرج الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَطَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَلَمْ يَقْرَبِ الكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا، حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ".

وأخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ".

وأصل مشروعيته: ما أخرجه الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: "وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا».

فوجه الدلالة من هذا في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا» أي: بين الصفا والمروة. ينظر: "شرح صحيح البخاري" للعلامة القسطلاني

الحكمة من مشروعية التعبد بالسعي بين الصفا والمروة
الحكمة من مشروعية التعبد بالسعي بين الصفا والمروة بشكل عام، فهو إقامة ذكر الله تعالى؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "السنن"، والترمذي في "جامعه" وصحَّحه، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح الإسناد.

تم نسخ الرابط