ارتداء Face Shield في الإحرام لا يُبطل المناسك.. تعرف على الحكم الشرعي

في ظل تزايد المخاوف الصحية وانتشار الأوبئة، تكثر تساؤلات الحجاج والمعتمرين بشأن الإجراءات الوقائية ومدى توافقها مع أحكام الإحرام، خاصة للنساء، ومن بين هذه الأسئلة التي وردت عن Face Shield إلى دار الإفتاء المصرية: "ما حكم ارتداء قناع الوجه الطبي الشفاف المعروف بـ Face Shield للمرأة المُحرمة؟ وهل يُعد ذلك من المحظورات أثناء الإحرام؟"
وقد أجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن هذا الاستفسار الهام، مشيرة إلى أن ارتداء المرأة المُحرمة لقناع الوجه الطبي الشفاف لا يُعد مخالفة شرعية، ولا يترتب عليه فدية، وذلك بشروط وضوابط محددة أوضحتها المؤسسة الدينية الرسمية بالتفصيل، مستندةً إلى آراء أئمة المذاهب الأربعة.
قناع الوجه الطبي ليس من محظورات الإحرام للنساء
أوضحت دار الإفتاء أن قناع الوجه الطبي الشفاف، الذي يُثبت على الجبهة وجانبي الرأس دون أن يلامس الوجه مباشرة، لا يُعتبر ساترًا للوجه بالمعنى الفقهي الذي نصت عليه كتب المذاهب الإسلامية، فوفقًا لفقهاء الحنفية والشافعية، فإن ما يُعد تغطية للوجه هو ما يكون ملاصقًا للبشرة ويُخفي ملامحها بشكل مباشر، وهو ما لا ينطبق على الـ Face Shield.
كما أشارت إلى أن فقهاء المالكية قد اشترطوا في الساتر أو Face Shield أن يكون مقصودًا به الترف أو دفع الحر أو البرد، وهو شرط غير متحقق في حالة القناع الطبي، إذ إن الهدف منه هو الوقاية من العدوى والأمراض، أما الحنابلة، فقد اشترطوا أن يكون الساتر من قبيل البرقع أو النقاب، وهو ما لا ينطبق على القناع الطبي كذلك.
حماية النفس من مقاصد الشريعة
في سياق متصل، شددت دار الإفتاء على أن الإسلام راعى حفظ النفس البشرية كأحد المقاصد الشرعية العليا، مؤكدة أن ارتداء القناع الطبي أثناء الإحرام يدخل ضمن الإجراءات الوقائية المباحة، خاصة إذا ثبت خطر العدوى واحتمالية انتقال الأمراض في الأماكن المزدحمة كالمواقيت والمناسك.
وأضافت الدار أن وجود الحامل المثبت للقناع على الجبهة أو الرأس لا يُعد من قبيل المحظور؛ لأنه من الأمور المعفو عنها، ولا يُعد ملامسًا مباشرًا للوجه، لافتة إلى أن الشافعية نصوا على جواز ما اتصل بالجبهة وقصاص الشعر إذا تعذر على المرأة ستر رأسها بدونه.
فتوى سابقة في ظروف الجائحة
تجدر الإشارة إلى أن دار الإفتاء كانت قد أصدرت فتوى مماثلة في السنوات الماضية خلال جائحة "كوفيد-19"، أكدت فيها أن الإجراءات الوقائية كارتداء الكمامة أو Face Shield لا تخل بشرط الإحرام، وأن دفع الضرر مقدم على بعض الشعائر الشكلية في حالات الخطر.
وقد نصت الفتوى آنذاك على أن "من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس، وهو مقصد أساسي يبيح اتخاذ كافة الوسائل التي تمنع انتقال العدوى، لا سيما في موسم الحج والعمرة حيث الزحام الشديد والتماس المباشر بين الحجاج والمعتمرين".
رأي اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية
على الجانب الآخر، كانت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية قد أجازت في فتاوى سابقة ارتداء الكمامة للمرأة أثناء الإحرام إذا دعت الحاجة أو الضرورة، وهو ما يتماشى مع رأي دار الإفتاء المصرية، ويعكس اتفاق المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي على أن الضرورة تُقدَّر بقدرها ولا يُلزم المسلم بفدية في هذه الحالة.
هل يُشترط نوع معين من القناع؟
بحسب ما أكدته الفتاوى، فإن النوع المسموح به هو القناع الذي لا يلامس الوجه مباشرة، ويُفضل أن يكون شفافًا وغير ضاغط على البشرة، بحيث يحقق الغرض الوقائي دون التسبب في مخالفة شرعية، أما النقاب أو ما شابهه من الأغطية التي تلامس الجلد وتغطي الملامح، فلا تزال ضمن المحظورات على المرأة المُحرمة وفق المذاهب الأربعة، ويجب تجنبها.
متى يُستحب خلع القناع؟
رغم أن القناع الطبي مسموح به أثناء الإحرام، إلا أن دار الإفتاء أوصت بأن يتم استخدامه في أوقات الضرورة فقط، كأماكن الزحام الشديد، أو في الحالات التي يكون فيها الشخص عرضة للعدوى أو لديه أمراض مزمنة تتطلب وقاية إضافية. وفي غير ذلك، يُستحب خلعه لتطبيق شعائر الإحرام كما هي ما لم تكن هناك ضرورة صحية.