عاجل

متى يتحلل الحاج من الإحرام؟.. شرح الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر بالحج

الفرق بين التحلل
الفرق بين التحلل الأصغر والتحلل الأكبر في الحج

التحلل من الإحرام هو مصطلح شرعي يُقصد به الخروج من حالة الإحرام، أي زوال المحظورات التي فُرضت على المسلم بمجرد دخوله في النسك، سواء في الحج أو العمرة.

ويُعد التحلل من أهم مراحل أداء مناسك الحج، حيث لا تكتمل شعائر الحاج إلا بإتمامه، وينقسم إلى نوعين رئيسيين التحلل الأصغر والتحلل الأكبر، ولكل منهما ضوابطه الفقهية وآثاره الشرعية.

وفيما يلي، نستعرض شرحًا دقيقًا وشاملًا لأحكام التحلل في الحج كما وردت في أقوال الأئمة الأربعة، مع بيان الفروقات بين التحللين، استنادًا إلى المصادر المعتمدة وأقوال كبار العلماء.

ما هو التحلل في الحج؟

التحلل في الحج يعني زوال ما حُرِّم على المسلم بسبب الإحرام، سواء من حلق الشعر، وقص الأظافر، ولبس المخيط، واستخدام الطيب، ومباشرة النساء، وعقد النكاح، والصيد البري، وغيرها من المحظورات التي يجب على المحرم اجتنابها.

وقد أجمع الفقهاء على أن لهذه المحظورات مكانة عظيمة في شعيرة الحج، وأن الخروج منها يكون على مرحلتين، تُعرفان بالتحلل الأصغر والتحلل الأكبر.

التحلل الأصغر

التحلل الأول، أو ما يُعرف بالتحلل الأصغر، هو المرحلة التي يُباح فيها للمحرم أن يفعل كل ما كان محظورًا عليه أثناء الإحرام ما عدا النساء وما يتعلق بهن من عقد نكاح أو جماع أو مباشرة بشهوة.

ويتحقق هذا التحلل بحسب المذاهب الفقهية بعد أداء بعض أعمال يوم النحر، وهي:

  • رمي جمرة العقبة الكبرى.
  • الحلق أو التقصير.
  • طواف الإفاضة.

وقد اختلفت المذاهب في تحديد ما يكفي منها لتحقيق التحلل الأول:

  • المالكية: يُعتبر رمي جمرة العقبة الكبرى كافيًا.
  • الحنفية: يتحقق بالقيام بالحلق أو التقصير.
  • الشافعية والحنابلة: يشترطون فعل اثنين من الثلاثة.

بعض الأقوال الأخرى ترى أن فعل أي عمل منها يكفي للتحلل الأول.

وبهذا التحلل، يُباح للحاج ارتداء المخيط، واستخدام الطيب، وتغطية الرأس، وغير ذلك من المحظورات، لكن تبقى النساء محرّمات عليه حتى يتم التحلل الأكبر.

التحلل الأكبر

التحلل الثاني أو التحلل الأكبر هو المرحلة النهائية التي يُصبح فيها الحاج في حِلٍّ تام، ويُباح له كل ما كان ممنوعًا عليه أثناء الإحرام، بما في ذلك النساء، عقدًا وجماعًا ومباشرة.

ولا يتم التحلل الأكبر إلا بعد أداء جميع أعمال يوم النحر الثلاثة، وهي:

  • رمي جمرة العقبة الكبرى.
  • الحلق أو التقصير.
  • طواف الإفاضة (ويتبع بالسعي لمن لم يسعَ بعد طواف القدوم).

عندها فقط، يصبح الحاج حلالًا له كل ما كان محظورًا عليه، ويكون بذلك قد أتم نسكه على الوجه المطلوب.

أقوال العلماء في أحكام التحلل

أوردت كتب الفقه الإسلامي أقوالًا واضحة في مسألة التحلل:

  • قال الإمام السمرقندي الحنفي: "إذا حلق حلّ له كل شيء إلا النساء".
  • وقال الكاساني: "حكم الحلق هو حصول التحلل، ويباح له جميع ما حظر عليه الإحرام إلا النساء".
  • وقال الدردير المالكي: "برمي جمرة العقبة يحل له كل شيء إلا النساء والصيد، ويُكره الطيب حتى يطوف طواف الإفاضة".
  • وقال النووي الشافعي: "يحل بالأول جميع المحظورات إلا الوطء، وبالثاني يحل الوطء".
  • وقال البهوتي الحنبلي: "بعد الرمي والحلق أو التقصير، قد حل له كل شيء إلا النساء نصًّا، وطئًا ومباشرة وقبلة ولمسًا بشهوة وعقد نكاح".

أما ابن حزم فقد نقل إجماع العلماء على أن من أتم مناسك حجه وطاف طواف الإفاضة فقد حلت له النساء والصيد والطيب والمخيط وكل ما امتنع عنه بالإحرام.

وأكد ابن حجر الهيتمي في كتابه "تحفة المحتاج" أنه إذا فعل الحاج العمل الثالث من أعمال يوم النحر حصل له التحلل الثاني وحلّ به باقي المحظورات بإجماع أهل العلم.

متى يتحلل الحاج بالكامل؟

يتحلل الحاج بالكامل (تحللًا أكبر) بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة. أما إذا فعل بعض هذه الأعمال فقط، فإنه يكون في حالة تحلل جزئي، يُرفع عنه معظم محظورات الإحرام، باستثناء النساء، ويظل ممنوعًا من الجماع وعقد النكاح حتى يتم الأعمال الثلاثة كاملة.

خلاصة الأحكام

  • التحلل الأصغر: يُباح فيه للمحرم كل شيء إلا النساء، ويتحقق بفعل بعض أعمال يوم النحر حسب المذهب.
  • التحلل الأكبر: يكتمل بإتمام جميع أعمال يوم النحر، ويُباح فيه كل المحظورات بما في ذلك النساء.
  • الفقهاء مجمعون على أن التحلل الأكبر لا يتم إلا بإكمال الأعمال الثلاثة، وأكدوا أن النساء لا تُباح للمحرم إلا بعد ذلك.
تم نسخ الرابط