عاجل

"شهيدة المهنة وحب الوطن" شيرين أبو عاقلة "أيقونة" لم ترحل أبداً

شيرين أبو عاقلة
شيرين أبو عاقلة

في مثل هذا اليوم، نستذكر الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي اغتيلت في يوم 11 مايو، أثناء تأدية واجبها المهني في تغطية اقتحام إسرائيلي لمخيم جنين عام 2022. لم تكن شيرين مجرد مراسلة ميدانية، بل كانت صوتًا إنسانيًا نقل معاناة الفلسطينيين، وجسدت التزامًا عميقًا بالحقيقة والعدالة.

رحلة صحفية وإنسانية

على مدار 25 عامًا، عملت شيرين في قناة الجزيرة، حيث غطّت أبرز الأحداث في فلسطين، من الانتفاضات إلى الاجتياحات، مرورًا بالحصارات والاعتقالات. تميزت تقاريرها بالتركيز على القصص الإنسانية، حيث سلطت الضوء على معاناة اللاجئين، والأسرى، والنساء، والأطفال، مما جعلها مصدر ثقة للمشاهدين في العالم العربي.

في آخر تقاريرها، تناولت قصة قرية "ميعار" المهجّرة، حيث نقلت معاناة سكانها الذين حُرموا من العودة إلى ديارهم. كانت كلماتها تنبض بالأمل، وتعكس إيمانها بحق العودة، حتى استُشهدت بعد أيام قليلة أثناء تغطيتها لاقتحام مخيم جنين

وفي إحدى المرات، خلال تغطيتها عملية هدم منازل في حي الشيخ جراح، اقتربت من سيدة فلسطينية مسنّة، كانت تبكي وهي تجمع أغراضها القليلة من بين الأنقاض. جلست شيرين بجوارها، وأخذت يدها وقالت لها بهدوء: "سننقل صوتك، هذا بيتك وحقك، ولن يُمحى". هذه اللحظات لم تُعرض في التقرير الرسمي، لكنها ظلّت في ذاكرة من شهدها، كدليل على إنسانيتها.

قريبة من الناس

كانت شيرين أبو عاقلة حاضرة في الأعياد والمآتم، في المدارس والمستشفيات، وسط ركام البيوت، ومع الأطفال الذين فقدوا ذويهم. ذات مرة، وبينما كانت تغطي جنازة شهيد في نابلس، اقترب منها طفل صغير يرتجف من الخوف، فأخذت بيده وطمأنته، ثم طلبت من المصور أن يبعد الكاميرا احترامًا لحالته. لم تكن تبحث عن اللقطة، بل عن الكرامة.

كما رافقت أسرى محررين في لحظات استقبالهم، وكان صوتها يرتجف تأثرًا أثناء وصفها لمشهد أم تحتضن ابنها بعد 20 عامًا من الغياب. في أحد تقاريرها قالت: "هؤلاء الأمهات لا يتحدثن كثيرًا، لكن كل دمعة في أعينهنّ تحكي قصة وطن بأكمله".
 

الاستشهاد والرمزية

قُتلت شيرين برصاصة في الرأس، رغم ارتدائها لخوذة وسترة صحفية واضحة. التحقيقات المستقلة، بما في ذلك تقارير من الأمم المتحدة ووسائل إعلام دولية، أشارت إلى أن الرصاصة أُطلقت من قبل جندي إسرائيلي، في حادثة وُصفت بأنها "إعدام ميداني" .

إرث لا يُنسى

لم تكن شيرين أبو عاقلة مجرد صحفية، بل كانت رمزًا للصحافة الحرة في فلسطين. ألهمت أجيالًا من الصحفيين، خاصة النساء، وأصبحت مثالًا للتفاني والمهنية. بعد استشهادها، أُطلقت جوائز ومبادرات باسمها، تخليدًا لذكراها، مثل جائزة "شيرين أبو عاقلة للصحافة" التي تكرم التغطيات المتميزة في مناطق النزاع.

العدالة المنتظرة

رغم مرور ثلاث سنوات على استشهادها، لم تُحاسب الجهات المسؤولة عن قتلها. عائلتها، وزملاؤها، ومنظمات حقوق الإنسان، يواصلون المطالبة بالعدالة، مؤكدين أن شيرين كانت تؤدي عملها بشجاعة، وأن اغتيالها يمثل انتهاكًا صارخًا لحرية الصحافة.

شيرين أبو عاقلة لم تكن مجرد صحفية؛ كانت صوتًا للحق، وضميرًا حيًا ينقل معاناة شعبه. في ذكرى استشهادها، نُجدّد العهد بأن تظل ذكراها حيّة، وأن نواصل السعي لتحقيق العدالة التي تستحقها.

تم نسخ الرابط