بعد تمسكهم بالإعفاء.. تفاصيل أزمة الحريديم والتجنيد في إسرائيل (طائفة متشددة)

يتساءل العديد من المواطنين، عن تفاصيل أزمة الحريديم والتجنيد في إسرائيل، بعد إثارتهم الجدل بتمسكهم الشديد بالإعفاء من التجنيد، حيث تأتي هذه الأزمة بسبب رفض جماعات دينية في إسرائيل، تُعرف باسم "الحريديم"، الانضمام إلى الجيش، وهو ما يثير غضب فئات أخرى من المجتمع ترى أن الخدمة العسكرية واجب على الجميع، وهذا الخلاف أدى إلى احتجاجات واسعة ونقاشات حادة داخل الحكومة، وسط محاولات للبحث عن حلول ترضي جميع الأطراف.
وخلال هذا التقرير، سنستعرض لكم متابعي وقراء موقع «نيوز رووم» الإخباري، تفاصيل أزمة الحريديم والتجنيد في إسرائيل بعد تمسكهم الشديد بالإعفاء وإثارتهم الجدل.
تفاصيل أزمة الحريديم والتجنيد في إسرائيل
وجاءت تفاصيل أزمة الحريديم والتجنيد في إسرائيل، على النحو التالي:-
وتشهد الساحة الداخلية في إسرائيل توترًا متصاعدًا على خلفية خلافات حادة تتعلق بالخدمة العسكرية، وسط جدل واسع يحيط بإحدى أكثر القضايا حساسية في المجتمع الإسرائيلي، الأزمة التي أعادت الانقسام بين التيارات الدينية والعلمانية إلى الواجهة، أثارت موجة من النقاشات السياسية والشعبية، وفتحت الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل التجنيد الإجباري ومبادئ العدالة والمساواة في تحمل أعباء الخدمة الوطنية.
ماذا يعني "حريدي"؟
كلمة "حريدي" مشتقة من التوراة، وتعبّر عن الشخص الذي "يرتعد" أو "يخشع" من أمر الله، كما ورد في سفر إشعياء: "اسمعوا كلام الرب، أيها المرتعدون من كلمته"، وقد تم استخدام الكلمة لوصف الملتزمين دينيًا، وظهرت لاحقًا كاسم شائع للتيار المحافظ في اليهودية الأرثوذكسية خلال القرن العشرين، ويتميز المجتمع الحريدي بالعزلة المتعمدة عن العالم الخارجي، بهدف حماية نفسه من تسلل القيم غير المقبولة لديه.

وتحرص الجماعات الحريدية على الحفاظ على نمط حياة خاص بها، من خلال الإقامة في أحياء ومدن مغلقة تعكس طابعها الديني والثقافي، كما تعتمد على منظومة تعليمية مستقلة تلبي معتقداتها، وتميل هذه الجماعات إلى تجنب التفاعل مع وسائل الإعلام أو المظاهر الثقافية الحديثة خارج إطارها، ويظهر ذلك بوضوح في رفضهم لاستخدام التلفاز أو متابعته.
ويعد مفهوم الحياء من المبادئ الأساسية التي يتمسك بها المجتمع الحريدي، حيث يترجم غالبًا إلى تنظيم العلاقات بين الجنسين بما يتماشى مع تعاليم الشريعة اليهودية، ويحرص هذا المجتمع على تطبيق قواعد صارمة تمنع أي تواصل اجتماعي بين الرجال والنساء خارج نطاق الزواج أو القرابة، بما في ذلك الفصل الكامل في الأماكن العامة والتعليمية والمناسبات، كوسيلة لحماية القيم الدينية والمحافظة على الطهارة السلوكية.
نشأة المجتمع الحريدي
نشأت الحريدية في أواخر القرن الثامن عشر بأوروبا الوسطى والشرقية، كرد فعل مضاد لحركة "الهسكالا" التي نادت بانفتاح اليهود على المجتمعات الأوروبية وتخفيف الالتزام الصارم بالتقاليد الدينية، وفي مواجهة هذه الدعوات إلى التحديث والعلمنة، تمسكت الحريدية بنمط الحياة التقليدي، رافضة أي محاولات للاندماج الثقافي أو الانجراف نحو التيارات القومية والفكر العلماني آنذاك، معتبرة أن الحفاظ على الهوية الدينية هو السبيل الوحيد لصون وجودها.
الملابس والجيش للحريديم
وضمن ملامح ثقافة الانفصال التي يتمسك بها المجتمع الحريدي، يُلاحظ التزام واضح بنمط مميز من اللباس يعكس الاحتشام والانتماء الديني، وغالبية الرجال يرتدون زيًا محافظًا باللونين الأبيض والأسود، مستوحى من أزياء أوروبا الشرقية في بدايات القرن العشرين، ويشمل هذا الزي قبعة سوداء من اللباد، بدلة داكنة قصيرة، قميصًا أبيض بأزرار، وسروالًا طويلًا قاتم اللون، إلى جانب ملحقات دينية أساسية مثل الكيباه والطاليت الصغير، تماشيًا مع التعاليم اليهودية التقليدية.

وفي إسرائيل، يمتنع معظم الرجال من أتباع الطائفة الحريدية عن أداء الخدمة العسكرية، استنادًا إلى مبدأ يُعرف بـ"التوراة حرفته"، والذي ينظر إلى دراسة النصوص الدينية على أنها مهمة لا تقل قدسية عن الدفاع العسكري، هذا الإعفاء تعود جذوره إلى تفاهم مؤقت تم التوصل إليه بعد عام 1948، حيث سمح رئيس الحكومة آنذاك، ديفيد بن جوريون، بتأجيل التحاق طلاب المعاهد الدينية بالخدمة، ما شكل الأساس لاستمرار هذا الاستثناء حتى يومنا هذا.
خروج النساء الحريديات للعمل
رغم الطابع التقليدي الراسخ في أوساط المجتمع الحريدي، بدأت بعض التغيّرات تلوح في الأفق، خصوصًا فيما يتعلق بدور النساء، فمصطلحات مثل "التمكين المهني" أو "تطوير الذات" بدأت تجد طريقها إلى أحاديث النساء الحريديات، حتى مع استمرار التردد في استخدام تعبيرات مثل "النسوية" و "مسيرة مهنية"، وبالرغم من أن العديد منهن لا يزلن يعملن في وظائف نمطية، إلا أن هناك توجهًا متزايدًا نحو البحث عن فرص أكثر تنوعًا، يقابله استمرار فجوة الأجور بينهن وبين النساء في بقية شرائح المجتمع، وفقًا لتقارير صحفية إسرائيلية.
وفي عام 2014، لوحظ تطور ملحوظ في مشاركة النساء الحريديات بسوق العمل، حيث تساوت نسبتهن في التوظيف مع نظيراتهن في القطاع العام، متجاوزات بذلك التوقعات الحكومية، وفي الوقت الذي كانت تستهدف فيه الدولة الوصول بنسبة توظيف النساء من هذا التيار إلى 63% بحلول عام 2020، تخطى المعدل الفعلي هذا الرقم، ليسجل ما يزيد عن 70%، في مؤشر واضح على التحول التدريجي في أدوار المرأة داخل المجتمع الحريدي.

ارتفاع في استخدام الإنترنت
أظهرت دراسة حديثة، أجرتها جمعية الإنترنت الإسرائيلية بالتعاون مع المعهد الحريدي لشؤون العامة، حدوث تغيير تدريجي في مواقف المجتمع الحريدي تجاه استخدام الإنترنت، مما يشير إلى تحول ملحوظ في كيفية تعاطي هذا المجتمع مع التكنولوجيا الحديثة.
كشفت الدراسة عن ارتفاع ملحوظ في استخدام الإنترنت بين أتباع المجتمع الحريدي، حيث وصلت النسبة إلى 70%، مقارنة بـ93% بين باقي فئات اليهود في إسرائيل، مما يعكس تزايد الاقتراب بين المجتمع الحريدي والمجتمع الإسرائيلي الأوسع في مجال التكنولوجيا والاتصال.
وعلى الرغم من النمو الملحوظ في استخدام الإنترنت داخل المجتمع الحريدي، إلا أن هناك مقاومة مستمرة بسبب المواقف الدينية والثقافية تجاه الشبكة، ويُنظر إلى الإنترنت بشكل عام كمصدر للمحتوى الذي قد لا يتماشى مع القيم الدينية، مما يدفع العديد من الأفراد إلى الاعتماد على خدمات "الإنترنت المُصفى" التي تقتصر فقط على المواد التي تتوافق مع التعاليم الدينية.
وبدأت النساء الحريديات في لعب دور أكبر في استخدام الإنترنت، لا سيما في مجالات مثل العمل والدراسة، وهذا التوجه يعزز من مشاركتهن الفعّالة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بينما يظل الحفاظ على القيم الدينية والثقافية جزءًا أساسيًا من هذا التحول.