هل يجوز للرجل ارتداء السلاسل الذهبية؟ دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي

في مشهد يتكرر كثيرًا في الشوارع والجامعات وأماكن العمل، ترى شبابًا ورجالًا يرتدون سلاسل، بعضها من الذهب، وأخرى من الفضة أو معادن مشابهة، ما يثير تساؤلات شرعية حول حكم ارتداء الرجل للسلاسل، خاصة إذا كانت من الذهب أو الفضة.
الذهب للنساء فقط
بحسب ما أكده فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية السابق، فإن تحلي الرجل بالذهب محرم شرعًا بإجماع الفقهاء، استنادًا إلى الحديث النبوي الشريف: “حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ” (رواه أحمد). فالتزين بالذهب من خصائص النساء، ولا يجوز للرجال التشبه بهن في هذا الشأن.
ويشمل هذا الحكم جميع أشكال التحلي بالذهب، بما في ذلك ارتداء السلاسل في الرقبة، حيث يُعد ذلك من زينة النساء، ويقع ضمن دائرة التحريم الشرعي.
الفضة.. بين الجواز والضوابط
أما بالنسبة للفضة، فالأصل فيها الإباحة للرجال، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من فضة، وكان نقشه “محمد رسول الله”. وهو ما أجمع عليه العلماء من السلف والخلف في إباحة التختم بالفضة للرجال.
لكن حين يتعلق الأمر بلبس السلاسل الفضية، فقد تباينت آراء الفقهاء:
- الأحناف قصروا الجواز على الخاتم فقط، مع منع استخدام الفضة في غيره من الزينة.
- المالكية والشافعية والحنابلة ذهبوا إلى تحريم الطوق (السلسلة) للرجل، باعتبار أنه ليس من معتاد زينته، وقد يتضمن تشبهًا بالنساء.
- بينما رأى بعض الشافعية – كالمتولي والغزالي – جواز لبس السلسلة الفضية، بشرط ألا يكون القصد منها التزين على طريقة النساء، أو أن تُلبس بطريقة فيها تخنث أو ريبة.
العُرف هو الفيصل
المفتي السابق أشار إلى أن اللباس والزينة من الأمور التي يدور حكمها مع العرف والعادة، فما كان معتادًا للرجال في زمان أو مكان معين، ولم يكن فيه قصد التشبه بالنساء، فلا حرج فيه. وعليه، فإن لبس الرجل لسلسلة فضية – إذا كانت تُرتدى لسبب عملي أو طبي أو ديني (مثل تعريف الهوية في حالة مرض أو لحفظ آية أو دعاء) – لا يُعد حرامًا.
وفي المقابل، إذا كان المجتمع يرى أن السلاسل ترتبط بالنساء فقط، فإن ارتداءها يُعد حينها مخالفة للعرف وتشبهاً غير مشروع
الحاجة ترفع الكراهة
ومن الحالات التي يُباح فيها لبس السلسلة الفضية للرجال دون حرج، ما إذا كانت الحاجة الطبية أو الأمنية تقتضي ذلك، كأن يُكتب فيها اسم المريض ومعلومات طبية مهمة، أو تُستخدم لمعالجة اضطرابات معينة بحسب توصية الطبيب، وهنا ينتفي قصد الزينة، ويكون اللبس من باب الضرورة أو الحاجة المعتبرة.
الفتوى الراجحة
الراجح – كما أوضح الدكتور شوقي علام – أن ارتداء الرجل لسلسلة من الفضة لا يُحرم شرعًا إذا خلت من نية التزين أو التشبه بالنساء، ولم تكن من خصائص زينة النساء عرفًا. ويُمنع لبسها في حال كانت دليلاً على التخنث، أو إن كانت طريقة لبسها توحي بتشبه غير لائق.
بناءا على ذلك:
- يحرم على الرجال لبس الذهب تمامًا، سواء خاتمًا أو سلسلة.
- يُباح لبس الفضة للرجال في حدود الخاتم وبعض الأدوات، وقد يُقبل ارتداء السلسلة الفضية بشروط.
- العُرف والنية هما الفيصل: ما لم يكن فيها تشبه بالنساء أو إسراف أو قصد زينة غير لائقة، فلا حرج.
- الحاجة ترفع المنع، إذا ارتبط اللبس بغرض طبي أو أمني.