هل تلقين الميت بعد الوفاة بدعة أم سُنة؟.. الإفتاء تحسم الجدل

الجدل يتجدد هل يجوز تلقين الميت بعد دفنه؟مع كل جنازة، يتكرر المشهد ذاته: أحدهم يجلس عند القبر بعد الدفن، يلقّن الميت الشهادتين ويطلب منه الثبات عند السؤال. هذا المشهد الذي اعتاد عليه كثير من الناس، أصبح مثار جدل بين من يراه سنة مستحبة ومن يعتبره بدعة لا أصل لها. وفي هذا السياق، حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل في فتوى رسمية نُشرت على موقعها الإلكتروني.
دار الإفتاء: تلقين الميت جائز ومستحب.. ولا يصح وصفه بالبدعة
أكدت دار الإفتاء المصرية أن تلقين الميت بعد الدفن من الأمور المشروعة والمستحبة في الشرع، وله أصل في السنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين. وأضافت أن ما اعتاده الناس من تلقين الميت عند القبر ليس بدعة، بل هو من أعمال البر، لما فيه من التذكير بالشهادة والثبات على الدين في وقت السؤال.
ونصت الفتوى على أن تلقين الميت:
"سُنَّةٌ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعليه عمل السلف الصالح، وهو من الأمور المستحبَّة شرعًا، ولا يصح وصفه بالبدعة".
التلقين بين الفقه والرحمة: تذكير الميت بالشهادة دعمٌ في لحظة السؤال
أوضحت الإفتاء المصرية أن الهدف من التلقين هو دعاءٌ للميت بالثبات وتذكيره بالشهادة، لما ورد عن النبي ﷺ أنه قال:
"لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله" [رواه مسلم].
ورغم أن الحديث يشير إلى التلقين عند الاحتضار، إلا أن بعض العلماء وسّعوا المعنى ليشمل التلقين بعد الدفن، لما ورد عن الصحابي الجليل أبو أمامة الباهلي أنه أوصى بذلك، وقال:"إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يسمع ولا يجيب. ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، الثانية، فإنه يستوي قاعدًا. ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله، ولكنكم لا تسمعون. فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأنك رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، وبالقرآن إمامًا. فإن منكَرًا ونكيرًا يأخذ كل واحدٍ منهما بيد صاحبه، ويقول: انطلق بنا ما يُجلسنا عند من لُقِّن حجته. فيكون الله حجيجه دونهما."، ثم ذكر تلقينه الإجابة عن أسئلة القبر.
لا صحة لمن يحرّم التلقين.. والإفتاء ترد على دعاوى البدعة
شددت دار الإفتاء على أن من يُحرّم تلقين الميت بزعم أنه بدعة، إنما يضيّق على الناس ما وسّعه الله، ويُخالف ما استقر عليه عمل المسلمين. وقد أكدت أن ترك التلقين لا يعني تحريمه، بل إن فعله فيه أجر واتباع لسنة السلف.
السنة النبوية وعمل الصحابة يؤيدان تلقين الميت
في ضوء ما سبق، خلصت دار الإفتاء المصرية إلى أن تلقين الميت بعد دفنه عملٌ مشروع ومستحب، وله أصل في سنة النبي ﷺ، وممارسة الصحابة، وموافقٌ لمقاصد الشريعة في تذكير الميت بالشهادة والثبات على الدين.