هل يشترط إعلام من وقعت عليه الغيبة للتوبة؟.. دار الإفتاء توضح

كشفت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، عن الحكم الشرعي للتوبة من الغيبة، وهل يشترط فيها إعلام الشخص الذي وقعت عليه الغيبة وطلب المسامحة منه، أم أن التوبة تكفي بشروطها دون إخباره، وهو سؤال يتكرر بين كثير من الناس، خاصة من تابوا وندموا على هذا الذنب العظيم.
التوبة من الغيبة لا تتوقف على إعلام الشخص
أوضحت دار الإفتاء أن التوبة من الغيبة تتحقق بشروطها، وهي: الندم على ما صدر، والإقلاع عن الذنب، والاستغفار، والعزم على عدم العودة إليه، والإخلاص في التوبة، مع الدعاء لمن وقعت عليه الغيبة، ومحاولة مدحه وذكر محاسنه في المواطن التي اغتيب فيها.
وأكدت أن إعلام الشخص الذي اغتيب ليس شرطًا لصحة التوبة، بل إن المختار للفتوى أن عدم إخباره أولى، لأن في إعلامه إدخالًا للكدر والغم إلى قلبه، وقد يترتب عليه خصومة أو عداوة، وهذا يخالف مقصد الشريعة في الحفاظ على المحبة والتراحم بين الناس.
رأي الفقهاء: مفسدة الإعلام أعظم من مصلحة التحلل
وأشارت دار الإفتاء إلى أن هذا القول هو ما رجحه عدد من كبار العلماء، ومنهم الحسن البصري ومجاهد وابن تيمية، كما ذهب إليه بعض فقهاء الشافعية والحنابلة، ويدل عليه ما قرره الفقهاء في قواعدهم من أن: "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ".
فإذا لم يعلم الشخص بالغيبة، فلا يُشترط إعلامه، بل يكفي أن يستغفر له المغتاب، ويدعو له، ويثني عليه في غيبته، أما إذا علم بها، فيُستحب للمغتاب أن يطلب العفو منه إن ظن أن ذلك لا يفسد العلاقة.
ماذا قال العلماء في المسألة؟
دار الإفتاء استعرضت أقوال المذاهب المختلفة، مشيرة إلى أن:
الحنفية والشافعية والحنابلة (في قول) قالوا: لا يُشترط التحلل إذا لم يعلم الشخص بالغيبة، ويكفي الاستغفار والدعاء له.
المالكية أوجبوا التحلل مطلقًا، حتى لو لم يعلم الشخص بالغيبة، ولو على وجه عام كأن يقول: "اجعلني في حلٍّ".
الحسن البصري ومجاهد وابن تيمية وغيرهم: رأوا أن التوبة الصادقة مع الدعاء والاستغفار كافية دون الحاجة إلى إعلام المغتاب، وهو ما اعتمدته دار الإفتاء في فتواها.
أكدت دار الإفتاء المصرية في فتواها عبر موقعها الرسمي، أن التوبة من الغيبة لا تشترط إعلام الشخص المغتاب، بل تتحقق بشروطها الشرعية، مع الاستغفار والدعاء له، ومدحه في غيبته، حرصًا على درء المفاسد وتحقيق مقاصد الشريعة في المحبة والستر بين الناس.
لذلك، من وقع في الغيبة وندم وتاب، فليُقبل على الله بصدق، وليجتهد في الاستغفار والدعاء لمن اغتابه، دون الحاجة إلى إدخال الحزن عليه بإخباره، خاصة إذا كان لا يعلم بما قيل عنه.