هل الدعاء على النفس بالموت حرام؟.. وماذا قال النبي عنه؟

تُعتبر مسألة الدعاء بالموت من الموضوعات التي تثير الجدل بين الناس، حيث قد يلجأ البعض إلى تمني الموت في حالات معينة، خاصة عندما يواجهون ضغوطًا أو مصائب شديدة. ولكن، هل يجيز الإسلام الدعاء على النفس بالموت؟
الدليل من السنة النبوية
تُظهر السنة النبوية الشريفة بوضوح تحذيرًا من تمني الموت في حالات البلاء أو الأزمات. فقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال:
“لا يتمنَّيَنَّ أحدُكمُ الموتَ لضرٍّ نزل به، فإن كان لا بد فاعلًا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي” (رواه البخاري ومسلم).
يشير هذا الحديث إلى أن تمني الموت بسبب البلاء يعتبر أمرًا مكروهًا في الإسلام، حيث يُستحب للمسلم أن يتحلى بالصبر ويدعو الله بالفرج والرحمة بدلاً من الدعاء بالموت. وبالتالي، يُعتبر تمني الموت بشكل عام فعلًا غير مستحب.
آراء الفقهاء في حكم الدعاء بالموت
1. المالكية، الشافعية، والحنابلة:
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن تمني الموت مكروه، خاصة في حالة الضرر أو البلاء. فهم يستندون إلى الحديث النبوي الذي يُظهر أن المسلم ينبغي أن يتحلى بالصبر والاحتساب، وأن يطلب العون من الله بدلاً من التمني للموت.
2. الحنفية:
على الرغم من أن الحنفية يتفقون مع باقي الفقهاء في كراهة الدعاء بالموت بشكل عام، إلا أنهم أجازوا الدعاء بالموت في حالة الخوف من الفتنة في الدين. فقد ورد عن بعض الصحابة دعاء مشابه لذلك، كما في حديث النبي ﷺ:
“وإذا أردت بعبادك فتنة، فاقبضني إليك غير مفتون” (رواه الترمذي وأحمد).
وبالتالي، في حال كان المسلم يخشى على دينه من فتنة أو ضلال، يجوز له أن يدعو الله بالموت حماية لدينه.
3. ابن تيمية وابن القيم:
يرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن تمني الموت في حد ذاته مكروه، لكنه يجوز إذا كان الشخص يخشى الفتنة في دينه، فيمكنه أن يسأل الله الوفاة على الإسلام. من جهة أخرى، أضاف ابن القيم أن تمني الموت يُعتبر هروبًا من البلاء، وهو أمر يُحظر في الإسلام، حيث يجب على المسلم أن يتحلى بالصبر ويبحث عن الحلول الأخرى.
متى يجوز الدعاء بالموت؟
على الرغم من أن الدعاء بالموت يُعتبر مكروهًا في معظم الحالات، فإن هناك حالات استثنائية يجوز فيها هذا الدعاء، وهي:
1. الخوف من فتنة في الدين:
إذا خاف المسلم من الوقوع في فتنة عظيمة قد تؤدي به إلى الكفر أو الفساد، فإن له أن يدعو الله أن يقبضه إليه، حفاظًا على دينه من الفتن التي قد تؤدي به إلى الضلال.
2. المرض الشديد:
في حال كان الشخص يعاني من مرض عضال يُسبب له ألمًا شديدًا أو معاناة مستمرة، وكان لا يُرجى شفاؤه، يجوز له أن يدعو الله بتخفيف المعاناة أو أن يتوفاه إن كان الموت خيرًا له.
ويستدل بذلك أن :
الدعاء بالموت في الإسلام هو أمر مكروه، خاصة عندما يكون بسبب ضغوط الحياة أو البلاء. ينصح المسلم بأن يتحلى بالصبر ويدعو الله بالفرج والرحمة، كما ورد في السنة النبوية. ومع ذلك، فإن الدعاء بالموت يصبح جائزًا في حالات استثنائية، مثل الخوف من فتنة في الدين أو إذا كان الشخص يعاني من مرض شديد، حيث يمكنه أن يدعو الله بتخفيف الألم أو الوفاة إذا كان الموت خيرًا له.