دار الإفتاء تكشف سرّ تحذير القرآن من نشر الأخبار دون تحقق أو وعي

أهمية ضبط الأخبار في زمن الفتن في ظل انتشار الشائعات وكثرة الأخبار المغلوطة في عصرنا الحديث، يبرز توجيه القرآن الكريم كمنهجٍ قويم في التعامل مع الأخبار، خاصةً تلك المتعلقة بالأمن أو الخوف.
دار الإفتاء المصرية قدمت تفسيرًا دقيقًا لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ [النساء: 83]، لتؤكد أهمية التحقق من صحة الأخبار قبل نشرها.
التحذير من نشر الشائعات دون تحقق
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن هذه الآية الكريمة تحذر من خطورة التسرع في نشر الأخبار دون تثبّت أو وعي.
فقد بيّن القرآن أن هذه التصرفات غالبًا ما تصدر عن المنافقين أو ضعفاء الإيمان الذين لا يمتلكون الحكمة أو الفقه في التعامل مع قضايا الأمن والخوف، مما يؤدي إلى بث الفوضى وزرع الفتن بين الناس.
تفسير كبار العلماء للآية الكريمة
ذكرت دار الإفتاء المصرية في تفسيرها أن الإمام النسفي -رحمه الله- وضّح في كتابه "مدارك التنزيل" أن الآية تشير إلى فئة من ضعفة المسلمين أو المنافقين الذين كانوا يشيعون كل ما يصل إلى أسماعهم من أخبار سرايا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
سواء كانت تلك الأخبار مبشرة بالنصر والأمن أو تنذر بالخوف والخلل، كانوا يذيعونها دون تروٍّ أو وعي بما قد تسببه من ضرر على أمن المجتمع واستقراره.
دور أولي الأمر والعلماء في معالجة الأخبار
أكدت دار الإفتاء المصرية أن الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين بردّ الأمور الخطيرة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإلى أولي الأمر منهم، من أصحاب الرأي السديد والعلم الراسخ، فهؤلاء وحدهم من يملكون القدرة على استنباط حقيقة الخبر، واتخاذ القرار السليم الذي يحفظ وحدة المسلمين ويصون أمن المجتمع.
قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، وهو أمر صريح بأهمية استشارة أهل الفقه والعلم قبل إذاعة أي خبر، حمايةً للأمة من الفتن والاضطرابات.
خطورة التسرع في نقل الأخبار
أشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن الإسراع في نشر الأخبار دون تحقق هو من اتباع خطوات الشيطان، كما دلّت الآية الكريمة.
فالتسرع في نقل الأخبار قد يؤدي إلى نشر الفتن، وزرع الشك بين المسلمين، وإثارة الرعب بين الناس بغير وجه حق.
ولولا فضل الله ورحمته، كما تقول الآية، لانجرف الكثيرون وراء الشيطان بسبب تصديقهم لكل خبر دون تمييز أو تثبّت.
أهمية التثبت قبل النشر
التثبت قبل نقل الخبر أمر في غاية الأهمية، وقد أصبح اليوم أكثر ضرورةً مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تُسهِّل تداول الأخبار دون ضوابط.
فعلى المسلم أن يتحقق من مصدر الخبر، وأن يتأكد من صحته قبل أن ينقله إلى غيره، امتثالًا لأمر الله تعالى وحفاظًا على وحدة المجتمع وأمنه.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» [رواه مسلم]، وهو تحذير نبوي صريح من خطورة نقل الأخبار دون تثبُّت.
ضرورة التحقق قبل النشر
ختامًا، أكدت دار الإفتاء أن المسلم مسؤول عن ما ينقله من أخبار، ويجب عليه أن يتأكد من صحتها عبر أهل العلم والاختصاص قبل نشرها، بهذا يتحقق النفع العام للمجتمع ويُفوت على الشائعات وأعداء الفتن فرص نشر الفوضى.
إن في الالتزام بهذا التوجيه الإلهي حمايةً للدين، وصونًا للوطن، وإعلاءً لقيم الصدق والمسؤولية في المجتمع الإسلامي.