هل يجوز الزواج من شخص لا يصلي؟ دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي

يُعد الزواج من أسمى العلاقات في الشريعة الإسلامية، ويعتبر من أبرز أركان الاستقرار الاجتماعي والروحي بين الرجل والمرأة. لكن من الأسئلة التي قد تطرأ على الأذهان في هذا السياق هو: “هل يجوز الزواج من شخص لا يصلي؟”
الحكم الشرعي في الزواج من شخص لا يصلي
الصلاة في الإسلام هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عبادة عظيمة وفرض من الله سبحانه وتعالى على كل مسلم بالغ عاقل. وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من النصوص التي تؤكد على أهمية الصلاة وضرورة أدائها في مواعيدها، وتهدد تارك الصلاة بالعقاب الشديد. فقد قال الله تعالى:
“إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا” (النساء: 103).
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر” (رواه الترمذي).
رأي العلماء في الزواج من شخص لا يصلي
يتفق معظم الفقهاء على أن الصلاة هي من أوجب العبادات في الإسلام، وتعد تركها عملاً كبيرًا يضعف الإيمان. لذلك، اختلفت الآراء حول حكم الزواج من شخص لا يصلي.
• في المذهب الحنفي: يرون أن تارك الصلاة عمداً يمكن أن يكون كافرًا إذا جحد وجوب الصلاة أو استهزأ بها. لكن في حال كان الشخص لا يصلي بسبب الإهمال أو كسله دون جحود، يكون فاسقًا ويُعَاقب في الدنيا والآخرة. وعلى الرغم من أن الزواج من فاسق ممكن، إلا أن الزواج من شخص لا يصلي يشكل خطراً على استقرار العلاقة الزوجية، حيث يؤثر ذلك على تربية الأبناء وعلى تطبيق أحكام الشريعة في الأسرة.
• في المذهب الشافعي: يرى الشافعية أن تارك الصلاة بشكل دائم دون عذر يُعد مرتدًا إذا أنكر وجوبها. وبالتالي، لا يجوز الزواج من شخص يرتكب هذه المعصية الكبيرة، لأنه لا يمتثل لأحد أهم أركان الدين.
• في المذهب المالكي والحنبلي: يشدد الفقهاء في هذين المذهبين على أن الصلاة واجب قطعي، ويؤكدون أن الزواج من شخص لا يصلي – خاصة إذا كان ينكر فرضيتها – غير جائز في الإسلام.
رأي دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية أكدت في العديد من فتاويها أن الصلاة هي عمود الدين، وتعد تركها عملاً يُخشى أن يؤدي إلى الخروج من الملة في حال إنكار فرضيتها أو الاستهزاء بها. وفي فتوى رسمية لها، قالت دار الإفتاء:
“إن الشخص الذي لا يصلي عمداً ويجحد فرضية الصلاة يُعتبر خارجًا عن الإسلام، ومن ثم لا يجوز الزواج منه، سواء كان رجلاً أو امرأة.”
وأضافت: “أما إذا كان الشخص لا يصلي بسبب إهمال أو كسول دون أن يُنكر فرض الصلاة، فإنها تُعد معصية كبيرة، والزواج منه لا يُنصح به لما فيه من تأثيرات سلبية على استقرار الحياة الزوجية وتربية الأبناء.”
التحديات الاجتماعية والتربوية
إلى جانب الحكم الشرعي، يتعين النظر في الآثار الاجتماعية والتربوية للزواج من شخص لا يصلي. حيث يؤدي الزواج من شخص لا يصلي إلى صعوبة في بناء أسرة ملتزمة بالشرع، وقد يؤثر على تربية الأبناء وزرع القيم الإسلامية فيهم. كما أن عدم الصلاة يعكس انعدامًا للانضباط الديني، مما قد يؤدي إلى مشاكل في التفاهم والانسجام داخل الحياة الزوجية.
ويستدل بذلك أنه:
رغم أن الزواج من شخص لا يصلي لا يُحرم بشكل قاطع إذا كان الشخص لا يُنكر فرضية الصلاة، إلا أن معظم العلماء والفقهاء يرون أن الزواج من شخص لا يصلي يُعد أمرًا صعبًا ويجب تجنبه في معظم الحالات. إن هذا القرار يحمل تبعات دينية واجتماعية كبيرة، ويجب أن يكون المسلم حذرًا في اختياراته الزوجية، حفاظًا على استقرار الأسرة وتطبيق الأحكام الشرعية. وقد نصحت دار الإفتاء بعدم التسرع في الزواج من شخص لا يصلي، وتوجيه الشخص إلى التوبة والرجوع إلى الله.