كلام الله لموسى عليه السلام.. لحظة من الهيبة والإيمان في تاريخ الأنبياء

من أبرز وأجمل القصص التي وردت في القرآن الكريم هي قصة كلام الله مع سيدنا موسى عليه السلام. هذه القصة تحمل العديد من العبر والدروس التي تعكس عظمة الله تعالى ورحمته، وتظهر العلاقة الخاصة بين الله سبحانه وتعالى ورسوله موسى.
حادثة الكلام مع الله
بعد أن نجا موسى عليه السلام من فرعون وجنوده، ومر بتجربة عظيمة مع بني إسرائيل في البحر، وذهب بهم إلى جبل الطور، شاءت إرادة الله أن يكلم موسى عليه السلام مباشرة.
في هذه اللحظة، اختار الله موسى ليكون من الذين يُكلمون، وجعل له مكانًا مميزًا عنده. فقد ورد في القرآن الكريم أن موسى ذهب إلى جبل الطور ليقضي وقتًا في العبادة والتفكر، وكان في هذا الوقت يستعد لاستقبال الوحي. لكن ما حدث كان أكثر من مجرد وحي، حيث تكلم الله مع موسى بشكل مباشر، وهذه كانت لحظة فريدة في تاريخ الأنبياء.
قال الله تعالى في القرآن الكريم في سورة الأعراف، في الآية 143: “وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِ رَبِّهِ وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبُّهُ أَرَنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَىٰ الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَتَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِجَبَلٍ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ”.
في هذه الآية، نرى أن موسى عليه السلام طلب من الله أن يُراه، فأجابه الله قائلاً: “لَنْ تَرَانِي”، لكن الله أراه جزءًا من عظمته عندما تجلى للجبل. وعندما تجلى الله للجبل، دُك الجبل وسقط موسى مغشيًا عليه من شدة الهيبة والعظمة. ولكن بعد أن أفاق موسى، قال: “سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ”، معترفًا بعظمة الله وطلبًا للتوبة.
الدروس المستفادة من هذه الحادثة:
1. عظمة الله: تجلى الله للجبل دلالة على عظمة الله سبحانه وتعالى. كان الجبل قويًا وصلبًا، ولكن عندما تجلى الله له، لم يتحمل هذا الجبل وانهار. وهذا يدل على عظمة الله التي لا يستطيع أي شيء تحملها.
2. توبة موسى: بعد أن صعق موسى عليه السلام من هذه التجلي، سارع إلى التوبة والتوجه إلى الله بالاعتراف بالعجز أمام عظمته. وهذا يعكس تواضع الأنبياء وسعيهم الدائم إلى التوبة.
3. عدم قدرة البشر على رؤية الله: حينما طلب موسى عليه السلام من الله أن يراه، أجابه الله قائلاً: “لَنْ تَرَانِي”. وهذا يشير إلى أن البشر لا يمكنهم رؤية الله في الدنيا، لأن الله تعالى أكبر من أن تُدركه الأبصار.
4. الاختبار والابتلاء: موسى كان في حالة من الترقب والانتظار، وطلب من الله أن يراه. لكن الله اختبره وأراه جزءًا من عظمته ليظهر له الحقيقة أن الله أكبر وأعظم من كل تصور.