عاجل

العورة بين الأب وأولاده.. ما يباح وما يُمنع وفقًا للشرع

العورة بين الأب وأولاده
العورة بين الأب وأولاده

فيما يتعلق بالمسائل الفقهية التي تخص العلاقات الأسرية، يتساءل الكثيرون عن حدود العورة بين الأب وأولاده، وهو موضوع قد يثير بعض الالتباس نظرًا لاختلافات الفقهاء حوله. 

ما هي العورة؟

في الشريعة الإسلامية، العورة تعني الأجزاء التي يجب سترها ولا يجوز كشفها أمام الآخرين، وهي تحدد بناءً على معايير دينية تتفاوت بين الرجال والنساء، وبين الكبار والصغار. والهدف من هذا التشريع هو حماية الفضيلة والآداب الأسرية، والحفاظ على كرامة الأفراد داخل المجتمع.

العورة بين الأب وأبنائه

وفقًا للفقه الإسلامي، فإن العورة بين الأب وأولاده تكون محددة بناءً على عدة اعتبارات، منها السن والنوع. حيث اتفق الفقهاء على أن الأب يمكنه رؤية جسد أولاده في مراحل معينة، لكن هناك حدودًا يجب مراعاتها لتجنب أي تجاوزات.

بالنسبة للأطفال الصغار:

بالنسبة للأطفال الذين لم يبلغوا سن التكليف (أي دون البلوغ)، لا توجد مشكلة في رؤية الأب لأجسادهم أثناء مرحلة الرضاعة أو الطفولة المبكرة. في هذه المرحلة، يمكن للأب أن يراهم دون أن يشكل ذلك محظورًا شرعيًا، حيث أن الأطفال في هذه الفترة لا يُعتبرون محارم فيما يتعلق بالعورة.

بالنسبة للأطفال البالغين:

أما بعد بلوغ الأبناء سن البلوغ، فإن العورة بين الأب وأبنائه تصبح محكومة بما فرضته الشريعة الإسلامية. في هذا السياق، يجب على الأب أن يحترم الحدود التي فرضتها الشريعة، ويحرص على عدم كشف عورته أمام أبنائه البالغين، سواء كانوا من الذكور أو الإناث. إذ تُعتبر العورة بين الأب وأبنائه البالغين مثل العورة بين الرجل والمرأة غير المحارم، ويجب عليه ستر جسده أمامهم.

رأي دار الإفتاء 

قد أصدرت دار الإفتاء المصرية عدة فتاوى توضح حكم العورة بين الأب وأبنائه. ووفقًا للفتاوى الصادرة عن الدار، فإن الأب لا يجوز له أن يظهر عورته أمام أبنائه بعد أن يبلغوا سن التكليف، حيث تتساوى العورة بين الأب وأبنائه البالغين مع العورة بين الرجل والمرأة غير المحارم.

وقد أكدت دار الإفتاء أنه لا يجوز للأب أن يكشف عورته أمام أبنائه إلا في حالات الضرورة القصوى، مثل الرعاية الطبية، التي تستدعي ذلك. وهذه الاستثناءات تكون محكومة بحالات معينة، كالتعامل الطبي أو حالة الطوارئ.

الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية
1. القرآن الكريم:
لا يوجد نص قرآني صريح يتعلق مباشرة بالعورة بين الأب وأبنائه، ولكن ما يتعلق بالعورة في الشريعة الإسلامية ورد في عدة آيات قرآنية، مثل قوله تعالى في سورة النور (الآية 31):
• “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ…”
هذه الآية توضح للمرأة وجوب ستر عوراتها عن الآخرين ما عدا عن المحارم، وهي قاعدة تطبق أيضًا على الرجل.
2. السنة النبوية:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
• “إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُرُوبَةَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَكُمْ، وَإِذَا كَانَتِ النَّفْسُ فِي قِيَامٍ فَحَاشَتْ فَفَارِقَتْ”.
هذا الحديث يدل على حدود العلاقات الزوجية والعائلية التي يجب أن تظل محترمة، بما يشمل العلاقة بين الأب وأبنائه.

1. العورة بين الرجل والمرأة غير المحارم

يعد هذا النوع من العورة هو الأكثر تحديدًا في الشريعة الإسلامية. يتوجب على الرجل والمرأة ستر أعضائهما عن بعضهما، ولا يجوز لهما أن يكشف أحدهما عن عورة الآخر في الحالات العادية. والعورة بين الرجل والمرأة غير المحارم تكون:
• بالنسبة للرجل: من السرة إلى الركبة. أي أنه لا يجوز له كشف ما بين سرته وركبته أمام المرأة.
• بالنسبة للمرأة: كل جسدها عورة باستثناء الوجه والكفين. أي أن المرأة يجب أن تستر جسدها بالكامل باستثناء وجهها وكفيها أمام الرجال غير المحارم.

2. العورة بين المحارم

العورة بين المحارم، مثل الأب والأم مع أولادهما أو الأخ مع أخته، تختلف حسب العلاقة. في معظم الحالات، يُسمح للمحارم بمشاهدة بعض أجزاء الجسم بشرط أن يكون ذلك في إطار شرعي ومحترم.
• بين الأب والأبناء: يُسمح للأب بمشاهدة جسد أبنائه الأطفال الصغار الذين لم يبلغوا سن التكليف، ولكن بعد البلوغ، تصبح العورة بين الأب وأبنائه كما هي بين الرجل والمرأة غير المحارم. وبالتالي، بعد بلوغ الأبناء سن التكليف، لا يجوز للأب أن يكشف عورته أمامهم.
• بين الأم والأبناء: في حالات مشابهة، يجوز للأم أن ترى جسد أولادها الصغار دون محذور، ولكن بعد بلوغهم سن البلوغ، تتساوى العورة بينها وبين الأبناء كما في حال العورة بين غير المحارم.

3. العورة بين الرجل والمرأة البالغة

بدايةً، في حال الزواج، فإن العورة تكون بين الزوجين مباحة في إطار العلاقة الزوجية الشرعية. أما بين الرجل والمرأة غير المتزوجين، فإن العورة بينهما تكون محكومة بالأحكام الشرعية التي تحظر كشف أي جزء من الجسد إلا للضرورة، أو في حالات الرعاية الطبية الاستثنائية.

4. العورة أمام الأطفال

لا يُعتبر الأطفال في سن الصغر محارم بالنسبة للبالغين، لذا فإن على البالغين ستر أجسادهم أمام الأطفال. ولكن إذا كانوا في سن الطفولة المبكرة، يسمح لهم برؤية جسد الأبوين كجزء من التربية والنشوء

تم نسخ الرابط