هل يجب على الحائض قضاء الصلاة التي تركتها في فترة الحيض؟.. دار الإفتاء توضح

تُعتبر الصلاة أحد أركان الإسلام الأساسية التي يجب على المسلم الالتزام بها، وفي هذا السياق تثار تساؤلات حول كيفية تعامل المرأة مع الصلاة خلال فترة الحيض، خاصة فيما يتعلق بقضاء الصلاة التي تركتها بسبب الحيض. فهل يجب على الحائض قضاء الصلاة التي فاتت عليها خلال هذه الفترة؟

هل يجب على الحائض قضاء الصلاة التي تركتها في فترة الحيض؟

يُعد الحيض من الموانع الشرعية التي تمنع المرأة من أداء الصلاة خلال تلك الفترة، ويعتبر هذا من الأحكام الواضحة في الشريعة الإسلامية. فقد ثبت في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن في أحاديثه أن المرأة الحائض لا يجب عليها أداء الصلاة أو الصوم في أثناء الحيض. وبالتالي، خلال فترة الحيض، لا تقع الصلاة عليها في الأصل ولا تكون واجبة.

ومع انتهاء الحيض وطهارة المرأة، يبدأ التساؤل حول قضاء الصلاة الفائتة. وفي هذا الصدد، جاء رأي دار الإفتاء المصرية ليؤكد أن المرأة لا يجب عليها قضاء الصلاة التي فاتتها خلال أيام الحيض. فقد أوضح العلماء أن الحيض يُعتبر عذرًا شرعيًا يجعل الصلاة غير واجبة في هذه الفترة، وبالتالي لا تجب على المرأة إعادة الصلاة التي لم تؤدها أثناء الحيض.

كما أوضحت دار الإفتاء أن القضاء هنا يختلف عن حالات أخرى مثل النوم أو النسيان، حيث في هذه الحالات يجب على الشخص قضاء الصلاة فور تذكرها. لكن في حالة الحيض، يكون الوضع مختلفًا لأن الحيض يعد من الأسباب الطبيعية التي لا تكون للمرأة فيها أي سلطة أو إرادة، وبالتالي لا تعتبر الصلاة فريضة عليها أثناء الحيض.

فضل تعلم القرآن وتعليمه أبرزها الشفاعة يوم القيامة.. لا يفوتك الأجر

الشيخ رمضان عبد المعز: الصدقة طريقك لزيادة رصيدك عند الله

من الجدير بالذكر أن هذا الحكم لا يتعدى الصلاة فقط، بل يشمل أيضًا الصوم، حيث أكدت العديد من الفتاوى أن الحائض لا يجب عليها قضاء الصوم الذي فاتتها في أيام الحيض. فكما أن الصلاة لا تسقط عن المرأة في فترة الحيض، فإن الصوم لا يُطلب منها تعويضه بعد الطهر أيضًا.

وفي الختام، تبين الشريعة الإسلامية رحمتها بالمرأة في هذه الحالات، حيث إنها لا تتحمل مسؤولية الصلاة أو الصوم الذي فاتها بسبب الحيض. لذلك، على المرأة أن تلتزم بالصلاة بعد الطهارة وأن تستمر في أداء عبادتها دون أي عبء إضافي يتعلق بالفترات التي كان الحيض خلالها عائقًا أمام أداء تلك العبادات.

الأدلة من القرآن والسنة حول حكم قضاء الصلاة في فترة الحيض

أولاً: الأدلة من القرآن الكريم
1. قوله تعالى:
“وَإِذَا حَائِضٌ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيدِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ” (البقرة: 222)
في هذه الآية الكريمة، بيّن الله سبحانه وتعالى حكم الحيض وأنه فترة يجب فيها على الرجل والمرأة الابتعاد عن العلاقة الجنسية أثناء الحيض، وبالتالي فإن الصلاة تعتبر غير واجبة على المرأة خلال هذه الفترة. لم يُذكر في الآية أي إشارة إلى وجوب قضاء الصلاة بعد الطهر من الحيض، مما يعني أن الحيض يعد عذرًا شرعيًا لا يُطالب المرأة فيه بقضاء الصلاة.
2. قوله تعالى:
“وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةَ مُصَدِّقِينَ بِالْحَقِّ لِيُحْيِيَكُمْ وَيُوَفِّقَكُمْ وَيُدَاوِمْ عَلَيْكُمُ الصَّلاةَ” (النساء: 103)
تتعلق هذه الآية بإقامة الصلاة، ولكن لم تُذكر في هذه الآية مسألة الحيض أو عدم وجوب الصلاة في حالته. وبتفسير هذا السياق، يُفهم أن الله لا يطالب المرأة بالصلاة أثناء الحيض، وبالتالي لا تجب عليها بعد الطهارة.

ثانياً: الأدلة من السنة النبوية
1. حديث عائشة رضي الله عنها:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“فَعَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَتِ النِّسَاءُ يَحِضْنَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقْعُدْنَ فِي مَنَازِلِهِنَّ، وَلَا يُؤْمَرْنَ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ”
رواه البخاري
هذا الحديث يدل على أن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يُطالبن بقضاء الصلاة التي فاتتهن بسبب الحيض. في هذا الحديث، تُبَيِّن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُوجه النساء لقضاء الصلاة بعد الحيض.
2. حديث عائشة رضي الله عنها:
“سَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أترى أن المرأة الحائض تقضي الصلاة التي فاتتها؟ فقال: لا، إنما ذلك الذي تقضيه المرأة من صوم رمضان فقط.”
هذا الحديث يؤكد أن الصلاة لا تقضى بعد الحيض، بينما يُطلب من المرأة قضاء الصوم فقط.
3. حديث ابن عباس رضي الله عنه:
قال: “لَا صَلاةَ فِي حَالَةِ الحَيْضِ وَلا نِفَاسٍ”
هذا الحديث يشير إلى أن الصلاة لا تكون واجبة على المرأة في حال الحيض أو النفاس، وبالتالي لا تجب عليها في هذه الحالة.

ثالثاً: الإجماع الفقهي
• إجماع العلماء:
اتفق العلماء من المذاهب الفقهية الأربعة (الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي) على أن المرأة الحائض لا يجب عليها قضاء الصلاة التي فاتتها بسبب الحيض. حيث أن الحيض يُعتبر عذرًا شرعيًا، والشريعة الإسلامية لا تفرض قضاء الصلاة في هذه الحالة