قوله تعالى: "إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".. معناه ولمن يعود الضمير؟

يثير التعبير القرآني في سورة الإسراء تساؤلات متعددة بين المسلمين حول مرجع الضمير في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، فهل يعود إلى الله تعالى أم إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ دار الإفتاء المصرية في فتواها، حسمت هذا الخلاف بتفسير علمي مدعوم بأقوال كبار المفسرين.
الضمير في قوله تعالى: "إنه هو السميع البصير".. من المقصود؟
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن أكثر المفسرين وعلى رأسهم ابن جرير الطبري، والبغوي، وابن كثير، والزمخشري، والرازي، والنيسابوري، يرون أن الضمير في الآية الكريمة:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: 1]،
يعود إلى الله سبحانه وتعالى، باعتباره هو المتصف بكمال السمع والبصر، وهو العليم بأفعال عباده والمجازي لهم عليها بالحق والعدل.
رأي آخر: هل يعود الضمير إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟
مع ذلك، أشارت الفتوى إلى أن بعض العلماء، كما نقل أبو البقاء وذكر الإمام الآلوسي في تفسير "روح المعاني"، رجحوا أن الضمير يعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، باعتبار أن تشريفه بالإسراء دليل على مكانته العالية، ولأنه السميع لأوامر ربه، العامل بها، البصير بآيات الله ومواضع العبرة فيها.
دار الإفتاء: الرأي الراجح عودة الضمير إلى الله تعالى
رغم اختلاف الأقوال، أكدت دار الإفتاء المصرية أن الظاهر من السياق أن الضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى، استنادًا إلى معنى الآية وسياقها العام، حيث تُظهر حكمة الإسراء تكريمًا للنبي، ووعيدًا للمنكرين. فالله هو السميع لأقوال خلقه، البصير بأفعالهم، وهو الذي يكرم ويجازي بما يستحق كل عبد.
هل يجب على المسلم اعتقاد أحد القولين؟
اختتمت دار الإفتاء المصرية فتواها بتوضيح مهم:
لا يجب على المسلم شرعًا اعتقاد أحد القولين على التحديد، لأن كلا التفسيرين له وجهه من حيث اللغة والمعنى، وإن كان المرجح هو عودة الضمير إلى الله تعالى. الأمر في النهاية لا يمس العقيدة، وإنما يدخل في باب التفسير والتأمل.
بهذا التوضيح العلمي والشرعي، تؤكد دار الإفتاء المصرية أن القرآن الكريم يحمل من المعاني والدلالات ما يفتح أبواب الفهم والتدبر، لكن على المسلم أن يرجع إلى أهل التخصص لفهم النصوص، بعيدًا عن التأويلات الفردية. ومهما تعددت الأقوال، فإن مقصد الشريعة دائمًا هو الهداية والبيان.