«لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالًا»..شرح الآية وتحذير رباني من المنافقين

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عن تفسير قوله تعالى في سورة التوبة:
﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 47].
وأجابت الدار، في فتوى لفضيلة الدكتور نصر فريد واصل، بأن الآية الكريمة تكشف عن فضل الله على المؤمنين في منع المنافقين من الخروج معهم في الغزوات، لأن خروجهم كان سيؤدي إلى إفساد الصفوف ونشر الاضطراب.
ما المقصود بكلمة "الخبال"؟
أوضحت الفتوى، أن المقصود بقول الله تعالى: ﴿مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا﴾ أن "الخبال" يعني: الاضطراب، والمرض الذي يؤثر في العقل كالجنون، أو الاضطراب في الرأي والعمل.
فلو خرج المنافقون مع المؤمنين في غزوة تبوك، لما أضافوا إلى الجيش شيئًا سوى الفساد، والتشكيك، وبث الخوف والتخاذل، وهي صفات ملازمة للنفوس المريضة التي تكره الخير وتبغض الاستقامة.
وقد ورد في "التفسير الوسيط" للإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي أن:
"المراد بالخبال هو الاضطراب في الرأي وفساد في العمل، وهو ما يميز أهل النفاق الذين يحبون لكم الشر ولا يريدون النصر للإسلام".
لماذا لم يخرج المنافقون في الغزوة؟
بحكمة إلهية، حال الله بين المنافقين وبين الخروج مع المؤمنين، فكان في ذلك حماية لوحدة الصف الإسلامي، وتطهير له من الفتن الداخلية، التي كان من الممكن أن تفتك بالمجتمع المسلم من الداخل.
فلو خرجوا، لأسرعوا وسط الجيش بنشر الإشاعات وبث روح التخاذل، كما قالت الآية: ﴿وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾، أي لأسرعوا في السير بينكم ساعين في الإفساد ونشر الفتنة، لكن الله برحمته أبعدهم عنكم.
دروس وعبر من معنى "الخبال" في واقعنا اليوم
ما أحوجنا إلى تأمل هذا المعنى في زمننا الحاضر، فـ"الخبال" لم يختفِ، بل تجلى بأشكال مختلفة:
- شخصيات تنشر الشكوك وتثير القلاقل.
- إعلام مضلل يسعى لتشتيت الناس عن الحق.
- كلمات وفتن تفتك بالمجتمع من الداخل دون أن نرى سيوفًا أو جيوشًا.
والآية الكريمة تذكرنا بأن أعظم خطر على الأمة ليس فقط من أعدائها الظاهرين، بل من أهل الفتنة داخلها.
دعاء لحفظ الصف والنجاة من الفتن
في زمن كثرت فيه الفتن والمفسدون، نستلهم من الآية الكريمة دعاءً خالصًا:
"اللهم احفظ أمتنا من كل خبال، وأدم علينا نعمة الوحدة، وأبعد عنا أهل الفتنة والفرقة، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وثبّت أقدامنا على طريق الحق يا رب العالمين."