هل يجب على الزوج دفع تكاليف علاج زوجته؟.. الأزهر يوضح الحكم الشرعي

في ظل ما يشهده الواقع المعاصر من تغيرات في المفاهيم الأسرية ومسؤوليات كل من الزوجين، يتجدد التساؤل حول حكم مصاريف علاج الزوجة، وهل هي من النفقة الواجبة على الزوج أم من الأمور المستحبة؟ وفي هذا السياق، نشرت بوابة الأزهر الإلكترونية فتوى شرعية توضح الحكم، مستندة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
النفقة في الإسلام.. واجب شرعي لا تفضُّل
الفتوى أكدت أن النفقة ليست تفضّلًا من الزوج، وإنما واجب شرعي عليه يؤديه لزوجته، في حدود استطاعته. ويشمل ذلك الطعام والشراب والملبس والمسكن، بل ويتعدى ذلك ليشمل الرعاية الصحية أيضًا، استنادًا لقوله تعالى:
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7].
الحديث النبوي يبيّن الحقوق بوضوح
وقد استندت الفتوى أيضًا إلى حديث شريف رواه ابن ماجه في "سننه" (1/593)، وابن حبان في "صحيحه" (9/482)، عن حكيم بن معاوية عن أبيه، جاء فيه أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما حق المرأة على الزوج؟"، فقال:
"أن يُطعمها إذا طَعِم، وأن يكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يُقبّح، ولا يهجر إلا في البيت".
ويظهر من هذا الحديث أن الإسلام راعى مشاعر المرأة وكرامتها، وفرض للزوجة حقوقًا مادية ومعنوية لا ينبغي التفريط فيها.
تكاليف العلاج من جملة النفقة
بيّنت بوابة الأزهر الإلكترونية في فتواها أن مصاريف علاج الزوجة تدخل ضمن النفقة الواجبة على الزوج شرعًا، سواء كانت الزوجة مريضة مرضًا عارضًا أو مزمنًا، مادام الزوج قادرًا على ذلك.
وأكدت أن هذا الرأي هو الأقرب لروح الشريعة الإسلامية التي تقوم على العدل والرحمة، وتوفير الأمان النفسي والمادي للزوجة.
هل تختلف النفقة باختلاف حال الزوج؟
نعم، فالشريعة الإسلامية راعت تفاوت أحوال الناس، ولذلك شددت الآية على مراعاة حال الزوج، فقال الله تعالى:
{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}
فإن كان الزوج موسرًا وجب عليه الإنفاق بسعة، وإن كان معسرًا فعليه أن يُنفق بقدر ما يستطيع، دون تحميله ما لا طاقة له به.
بناءً على ما ورد في فتوى الأزهر، علاج الزوجة من واجبات الزوج الشرعية، وليس من باب التفضل أو الإحسان، بل هو جزء لا يتجزأ من النفقة التي أمر بها الإسلام. وهذا الحكم يرسّخ لمبدأ المودة والرحمة بين الزوجين، ويؤكد أن الزواج في الإسلام ليس مجرد عقد، بل ميثاق غليظ يقوم على المسؤولية المشتركة والرحمة المتبادلة.