دار الإفتاء: ضرب الزوجة لا يمت للإسلام بصلة ومحرم شرعًا

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الشريعة الإسلامية حذّرت بشكل واضح وصريح من العنف الأسري بكل صوره، لا سيما العنف الذي يمارسه بعض الأزواج ضد زوجاتهم، مشددةً على أن هذا السلوك لا يمت للإسلام بصلة، ولا يندرج تحت أي توجيه شرعي.
الإسلام دين الرحمة وليس العنف
قالت دار الإفتاء، ردًّا على سؤال ورد إليها بشأن ما يدعيه بعض الأزواج من أن ضرب الزوجة مسموح به شرعًا، إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ضرب النساء، ولم يثبت عنه أبدًا أنه ضرب إحدى زوجاته، بل كان مثالًا للرفق واللين في التعامل، موضحة أن من صور العنف المرفوض شرعًا: ما يعرف اليوم بـ"العنف الأسري".
واستشهدت الدار بقول السيدة عائشة رضي الله عنها:« ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا»، كما روى مسلم، مما يؤكد أن العنف في الحياة الزوجية يناقض الهدي النبوي الشريف.
الحياة الزوجية قائمة على الرحمة والمودة
أوضحت دار الإفتاء أن الإسلام أمر الزوج بحسن معاملة زوجته، وأخبر الله تعالى أن العلاقة بين الزوجين يجب أن تُبنى على السكن والمودة والرحمة، استنادًا لقوله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].
كما أكدت أن معيار الخيرية عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرتبط بحسن معاملة الزوج لأهله، حيث قال:
«خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي»، رواه الترمذي.
تفسير الآية الكريمة حول "الضرب" لا يعني الإيذاء
وتطرقت الفتوى إلى قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: 34]، مؤكدة أن الضرب هنا ليس على جهة الإلزام، ولا يجوز أن يكون وسيلة لإيذاء الزوجة أو إهانتها، بل جاء في سياق محدود ومقيد للغاية، ويُفهم على أنه رمز لعدم الرضا في بعض البيئات وبطريقة لا تؤدي لأي أذى أو أثر.
واستدلت الدار بما ورد في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«لا تضربوا إماء الله»، وأنه عندما جاءه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو تمرد النساء، وحدث أن بعض الرجال أساؤوا الفهم، فاشتكت النساء إلى النبي، فغضب وقال:
«لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم»، رواه أبو داود.
العنف الأسري مرفوض شرعًا ويجب محاربته
وأكدت دار الإفتاء أن ما يُعرف اليوم بـ"العنف الأسري" هو حرام شرعًا، سواء كان ضربًا، أو إيذاءً نفسيًا، أو أي شكل من أشكال الإهانة، مشددة على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة المؤلمة، ومحاسبة من يسيئون فهم النصوص الشرعية لتبرير تصرفاتهم العدوانية.
وختمت الفتوى بالتأكيد على أن الإسلام لا يدعو أبدًا إلى ظلم النساء أو الاعتداء عليهن، بل يحثّ على الرحمة، والتفاهم، والاحترام المتبادل داخل الأسرة، داعيةً الجميع إلى الالتزام بروح الشريعة السمحاء ومقاصدها النبيلة في بناء حياة زوجية مستقرة وآمنة.