العلم والإيمان في الإسلام: كيف يصنعان جيلًا يحترم أستاذه ويسعى للحقيقة

قال فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن أمة الإسلام هي أمة علم، تكره الجهل وتحب المعرفة، مشددًا على أن العلاقة بين الأستاذ والتلميذ في الإسلام تقوم على الاحترام والتقدير، لا التعالي والجدال العقيم.
وجاء ذلك عبر منشور له على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، أوضح فيه أن رسول الله ﷺ قال: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة"، وهو حديث يضع العلم في أعلى مراتب العبادة، ويجعله من طرق النجاة والفوز بالآخرة.
وأشار الدكتور علي جمعة إلى قول الله تعالى: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"، موضحًا أن الآية لم تُقيد نوع العلم، مما يدل على أن كل علم نافع، سواء كان شرعيًا أو دنيويًا، يعلو فوق الجهل ويزيله، ويقود إلى الإيمان.
العلم طريق الإيمان والإيمان محراب العلم
في تحليله لهذه المعاني، بيّن الدكتور علي جمعة أن العلم هو الموصل إلى الإيمان، وهو محراب الإيمان، كما أن الإيمان هو محراب العلم، فلا يوجد أي تعارض بين العلم والدين في الإسلام، بل إن بينهما علاقة تكامل تفضي إلى الفهم العميق للوجود والحياة.
وأكد أن الجاهل حين يطلب العلم يصبح تلميذًا، وهذا التلميذ اختار طريقًا مباركًا بإزاحة الجهل والتوجه نحو النور. والعلاقة بين العالم (الأستاذ) والتلميذ يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل، حيث يُقدِّر التلميذ من يعلمه، ويُجلُّ الأستاذ من يتعلم على يديه.
"من علمني حرفًا صرت له عبدًا": مفهوم أدبي راقٍ
استشهد الدكتور علي جمعة بقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من علمني حرفًا صرت له عبدًا"، موضحًا أن هذا تعبير يُعرف في اللغة بـ"الصيرورة المجازية"، أي أن التلميذ يصبح، من باب الأدب والتقدير، كأنه عبد لمعلمه، أي يُقدّمه بالحب، ويعامله بالتوقير والنصرة، لا بالإهانة أو التجاوز.
التمرد على المعلم.. إفرازات بعيدة عن روح الإسلام
انتقد الدكتور علي جمعة بعض السلوكيات الحديثة التي بدأت تظهر في الأوساط التعليمية، حيث أصبح بعض الطلاب يناقشون أساتذتهم بتعالٍ وخروج عن الأدب، وهي ظاهرة اعتبرها من إفرازات الثقافة الغربية التي تُفرغ العلم من قيمه الروحية، وتُضعف الإيمان في الحياة الاجتماعية.
وأوضح أن هذا التمرد لم يكن موجودًا في الأزمنة التي كان الإيمان فيها حاكمًا على سلوك الناس، حيث كان الاحترام، والرأفة، والحب، والرحمة، أساس العلاقة بين التلميذ والأستاذ.
العودة إلى أخلاق العلم والإيمان
اختتم الدكتور علي جمعة رسالته بالتأكيد على أهمية غرس القيم الحقيقية للعلم والإيمان في نفوس الأجيال، فالعلم ليس مجرد معلومات، بل سلوك وأدب وأمانة، والإيمان هو ما يجعل من العلم وسيلة للهداية والنهوض، لا وسيلة للتعالي والغرور.