عاجل

ما معنى"ويمكر الله"؟.. علي جمعة يوضح المقصود الحقيقي بمكر الله فى القرآن

د.علي جمعة يوضح
د.علي جمعة يوضح المقصود الحقيقي بمكر الله في القرآن

أثارت آية ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: 30] تساؤلات العديد من المسلمين حول معنى "مكر الله"، وهل يُنسب المكر لله عز وجل كما يُنسب إلى المخلوقين؟.


وأجاب الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الديار المصرية الأسبق، عن هذا السؤال في فتوى نشرتها دار الإفتاء المصرية، موضحًا المفهوم الصحيح لهذه الآية وغيرها من الآيات المشابهة.

البلاغة القرآنية: مكر الله مشاكلة لغوية لا تُفهم على ظاهرها

أكد الدكتور علي جمعة أن قوله تعالى: ﴿ويمكر الله﴾، هو أسلوب بلاغي يُعرف بالمشاكلة والمقابلة، أي أن الله تعالى قابل مكر الماكرين بتدبيرٍ يفوق تدبيرهم، وجاء اللفظ من باب التناسق اللغوي لا بمعناه الاصطلاحي عند البشر.

وأوضح فضيلته أن هذا النوع من التعبير معروف في لغة العرب وجاء في مواضع عدة في القرآن الكريم، منها:

﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: 67]

﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق: 15، 16]

﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ [السجدة: 14]

الله منزَّه عن صفات النقص.. وهذه الألفاظ لا تعني المكر البشري

شدد الدكتور علي جمعة على أن الله سبحانه وتعالى لا يُوصف بالمكر أو الكيد ابتداءً، كما لا يُوصف بالنسيان؛ لأنه منزَّه عن كل صفات النقص البشري، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64].

وأضاف أن هذه الآيات إنما تُفهم في إطار القاعدة الكبرى: "الجزاء من جنس العمل"، وأن كل تدبير بشري ماكر يقابله تدبيرٌ إلهي أعظم وأقوى، يؤدي في النهاية إلى إحباط المكر، وإحقاق الحق، وإزهاق الباطل.

الله أعظم من أن يُدرك كُنه صفاته

اختتم فضيلة الدكتور علي جمعة فتواه بتأكيد عظيم على تنزيه الله عز وجل عن كل ما يخطر ببال البشر، مؤكدًا أن كل ما أُضيف إلى الله من صفات وأفعال فهو:
"منزَّه عما يخطر بالبال من صفات المخلوقين وأفعالهم، وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك".
كما أورد بيتًا من الشعر لبيان عمق هذا المعنى:
"والعجز عن درك الإدراك إدراكُ... والبحث في كُنْهِ ذات الرب إشراكُ".

تم نسخ الرابط