الجلوس في أماكن تعاطي المخدرات "حرام شرعًا".. وتحذير من صحبة المدمنين

حذّر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر الراحل، من الجلوس في الأماكن التي يتم فيها تعاطي المخدرات، مؤكدًا أن هذا الفعل "حرام شرعًا"، لما فيه من مشاركة غير مباشرة في المنكر، وموافقة على فعل محرّم، بل وقد يُعرض الجالس نفسه للضرر الدنيوي والديني. جاءت هذه الفتوى في إطار رد دار الإفتاء المصرية على تساؤل حول حكم الجلوس في مجالس يُتعاطى فيها المخدرات.
تحذير من الجلوس في مجالس المنكر
أكد الشيخ جاد الحق أن الإسلام نهى عن التواجد في مجالس المعصية، بما فيها مجالس تعاطي المخدرات، لما فيها من مفسدة عظيمة على الفرد والمجتمع، مشيرًا إلى أن الجلوس في هذه الأماكن يوقع الإنسان في دائرة الإثم، حتى وإن لم يشارك بنفسه في التعاطي. واستند الشيخ إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم].
القرآن والسنة ينهَيان عن مجالسة أهل المعاصي
الفتوى استشهدت بعدد من الآيات الكريمة، منها:
قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان: 72]
وقوله: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ [القصص: 55]
كما استند إلى الحديث الشريف: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ» [رواه أبو داود]، لبيان خطورة مشاركة أهل المعاصي مجالسهم.
أضرار المخدرات.. ومخاطر الاقتراب منها
أوضح الشيخ جاد الحق أن للمخدرات أضرارًا جسيمة على النفس والعقل والمال، نقلًا عن العلامة ابن حجر المكي، الذي بيّن أن المخدرات تورث الأمراض، وتفسد العقل، وتُضيع الكرامة، وتؤدي إلى ترك الصلاة وكشف العورات وفقدان الغيرة.
الصحبة الفاسدة تفسد الأخلاق والدين
الفتوى بيّنت أن مصاحبة متعاطي المخدرات تعد إثمًا كبيرًا، كونها تقود إلى القبول بفعل المنكر، وتفتح الباب للوقوع في الفساد، وقد استشهد الشيخ بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: 38]، محذرًا من أن الصاحب ساحب، ومن يجالس أهل الفساد ينحدر معهم في الدرك نفسه.
واجب المجتمع: النصيحة والتبليغ عن أوكار المخدرات
أكدت الفتوى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقتضي من المسلم الابتعاد عن هذه المجالس، بل ومقاطعتها تمامًا، مشيرة إلى ضرورة إبلاغ السلطات المختصة عن أماكن تعاطي وترويج المخدرات، باعتبار ذلك من النصيحة التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، إذ قال: «الدين النصيحة... لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» [رواه البخاري ومسلم].
الجلوس في أماكن يُتعاطى فيها المخدرات لا يمر مرور الكرام في ميزان الشرع، بل هو محرمٌ بإجماع العلماء، ووجب التنبيه عليه والتحذير منه، حفظًا للفرد من الانزلاق في براثن المعصية، وحمايةً للمجتمع من انتشار الفساد والفتن.