عاجل

هل يمنع حديث"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"تولي المرأة المناصب؟

د.شوقي علام مفتي
د.شوقي علام مفتي الجمهورية السابق

في ظل الجدل المتكرر حول جواز تولي المرأة المناصب القيادية، يستشهد البعض بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لن يُفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، معتبرين ذلك دليلًا قاطعًا على حرمة تولي المرأة أي مسؤولية عامة. لكن دار الإفتاء المصرية، من خلال فتوى للأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية السابق، تُفند هذا الفهم وتوضح سياق الحديث وسببه بدقة علمية وشرعية.

الحديث ليس قاعدة عامة وإنما واقعة خاصة

بحسب ما أكده الدكتور شوقي علام، فإن هذا الحديث النبوي الشريف لا يصح حمله على العموم، لأنه ورد في واقعة خاصة تُعرف في علم الأصول باسم "واقعة العين"، وهي حادثة حدثت في سياق معين، ولا يُقاس عليها غيرها.
فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا الحديث بعد أن بلغه أن امرأة تُدعى "بوران بنت كسرى" تولّت الحكم بعد أن قُتل والدها ثم أخوها في سلسلة اضطرابات داخل الدولة الفارسية، وجاء ذلك بعد أن مزّق كسرى رسالة النبي عليه الصلاة والسلام فدعا عليه، واستُجيب له.

دلالة الحديث في سياق النبوة والواقع السياسي آنذاك

الحديث كان في سياق نبوءة بزوال مُلك كسرى وتفكك دولته، وهو ما حدث بالفعل، ولم يكن تشريعًا عامًا يُحرم على المرأة تولي المسؤولية. يؤكد العلامة ابن الجوزي في كتاب "كشف المشكل" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك عندما علم بولاية بوران، فكان ذلك إشارة إلى زوال الملك، وليس حكمًا فقهيًّا.

الرد على دعاوى تحريم تولي المرأة القضاء والمناصب العامة

يفند الدكتور شوقي علام الادعاء القائل بحرمة تولي المرأة المناصب العامة، مؤكدًا أن هذا الحديث لا يصح أن يُستند إليه كدليل في هذا السياق، لأنه لا يحمل معنى التحريم المطلق. ويؤكد أن المرأة مؤهلة شرعًا وعقلاً وعلمًا لتولي أي منصب قيادي، ما دامت تمتلك الكفاءة والقدرة.

الإفتاء: لا تعارض بين الفلاح وتولي المرأة للقيادة

كما أشار فضيلة المفتي إلى أن لفظ "الفلاح" في الحديث لا يُقصد به مجرد النجاح الدنيوي، وإنما أُطلق في سياق دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بزوال ملك الظالمين، فكان حديثًا عن مصير دولة وليس حكمًا على جنس النساء. ويؤيد هذا التفسير علماء كبار من أمثال ابن فارس والقسطلاني وشمس الدين الكرماني.

سياق الحديث يُلغي استخدامه كحُجة ضد المرأة

توضح دار الإفتاء المصرية في هذه الفتوى المهمة أن الاستشهاد بهذا الحديث لتحريم تولي المرأة للسلطة هو استدلال خاطئ، ويتنافى مع قواعد علم الحديث والأصول، مؤكدًا أن الحديث كان متعلقًا بحدث سياسي خاص بزمن النبي، وليس قاعدة شرعية عامة.
وهو ما يشير بوضوح إلى أن الإسلام لا يمنع المرأة من تولي القيادة إذا توفرت الكفاءة والعدالة.

تم نسخ الرابط