حكم كتابة فواتير البيع بأقل من السعر الحقيقي تهربًا من الضرائب.. الإفتاء توضح
أكدت دار الإفتاء أن ما يقوم به بعض التجار من كتابة فواتير بيع بأسعار أقل من السعر الحقيقي للبضاعة، بقصد التهرب من الضرائب، حرام شرعًا، وعدّته الدار من صور الكذب والغش وخيانة الأمانة، لما في ذلك من إضرار بالمصلحة العامة، ومخالفةٍ للالتزامات القانونية والشرعية التي تحفظ حقوق المجتمع والدولة.
حكم كتابة فواتير البيع بأقل من السعر الحقيقي تهربًا من الضرائب
وأوضحت أن هذه الممارسات لا تقتصر مخالفتها على الناحية القانونية فقط، بل تشمل مخالفة صريحة لأحكام الشريعة الإسلامية التي حرّمت الزور والكذب والتدليس، مستشهدةً بقول الله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج: 30].
وأشارت إلى أن الفقهاء استدلوا بهذه الآية الكريمة على تحريم الإخبار بخلاف الحقيقة لما فيه من تزويرٍ وتحريفٍ للحقائق، مؤكدة أن كتابة سعرٍ مغايرٍ للسعر الحقيقي في الفواتير التجارية يُعدّ من قول الزور المحرّم الذي قرنه الله تعالى بعبادة الأوثان، لما يجمع بينهما من تزيين الباطل وإظهاره في صورة الحق.
وأضافت الدار أن الضرائب التي تفرضها الدولة تدخل ضمن ما عُرف قديمًا في الفقه الإسلامي بـ"النوائب"، وهي الأموال التي يفرضها وليّ الأمر لمصلحة عامة راجحة، مثل تجهيز الجيوش أو رعاية مصالح الناس عند خلوّ بيت المال، مشيرةً إلى أن الفقهاء أقرّوا مشروعيتها إذا كانت تُصرف في مصالح الأمة، وأن طاعة وليّ الأمر في ذلك واجبة متى تحقق بها نفع عام للمجتمع.
وبيّنت دار الإفتاء أن التلاعب في البيانات الضريبية عبر إصدار فواتير غير حقيقية أو تخفيض الأسعار فيها يُعتبر كذبًا وتزويرًا وغشًّا صريحًا، فضلًا عن كونه خيانة للأمانة، إذ يخلّ بالاتفاق بين الممول والدولة، ويهدر الثقة التي تقوم عليها المعاملات، وهو ما نهى عنه النبي ﷺ في قوله: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (متفق عليه).
وأكدت الدار أن هذه الممارسات لا تضرّ بالدولة وحدها، بل تضرّ بالفقراء ومحدودي الدخل والمشروعات القومية التي تُموَّل من حصيلة الضرائب، موضحة أن الشريعة الإسلامية حرّمت الإضرار بالمجتمع بأي صورة، لقوله ﷺ: «لا ضرر ولا ضرار» (رواه أحمد وابن ماجه).
وفي السياق نفسه، أشارت دار الإفتاء إلى أن القانون المصري شدّد العقوبة على مثل هذه الأفعال، إذ نصّ القانون رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل على معاقبة من يقدّم بيانات أو إقرارات ضريبية مزوّرة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة تعادل قيمة الضريبة المتهرَّب منها، أو بإحدى العقوبتين.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن التهرب من الضرائب باستخدام الفواتير المزورة لا يبيحه الشرع ولا القانون، بل هو إثم عظيم وجريمة مالية وأخلاقية تمسّ استقرار المجتمع وعدالة توزيعه للثروة، داعيةً التجار إلى التحري عن المال الحلال، والالتزام بالصدق في معاملاتهم، امتثالًا لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، ولتكون معاملاتهم قائمة على الأمانة والشفافية التي أمر بها الإسلام.



