هل تجب الزكاة على الأرض المستأجرة؟.. الإفتاء توضح من يدفعها وكيف تحسب
أوضحت دار الإفتاء أن زكاة الأرض المؤجرة تقع على المستأجر لا على المالك، وأنه لا يجوز خصم أجرة الأرض أو غيرها من الديون قبل حساب الزكاة الواجبة في المحصول، مؤكدة في الوقت نفسه جواز إخراج الزكاة نقدًا بقيمة الزرع يوم الحصاد، تحقيقًا لمقاصد الشريعة وتيسيرًا على المزكّين.
زكاة الأرض المؤجرة واجبة على المستأجر
جاء ذلك ردًّا على سؤال حول من تجب عليه زكاة الأرض المستأجرة، وهل تُخصم أجرتها من قيمة المحصول قبل إخراج الزكاة، وما حكم إخراج الزكاة نقدًا، حيث أكدت الدار أن هذه المسائل محل خلافٍ بين الفقهاء، غير أن الفتوى المستقرة في دار الإفتاء هي أن الزكاة واجبة على المستأجر، ولا تُخصم الأجرة من قيمة المحصول قبل حساب الزكاة.
وبيّنت الدار أن الزكاة في الزروع والثمار ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، لقوله تعالى:﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: 141]، ولحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فِيمَا سَقَتِ الأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» (رواه مسلم).
وأوضحت دار الإفتاء أن الزكاة تجب في كل ما يُقصد به استنماء الأرض واستغلالها من الحبوب والثمار والخضروات وغيرها، متى بلغ المحصول النصاب المقدر بخمسة أوسق (نحو 612 كيلوجرامًا)، على ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة ومن وافقه من الفقهاء، لأن المقصود من الزكاة تحقيق مصلحة الفقير وشكر النعمة، لا الاقتصار على أنواع محددة من المزروعات.
كما أوضحت أن مقدار الزكاة هو العُشر فيما سُقيَ بغير كلفةٍ (كالأمطار والأنهار)، ونصف العشر فيما سُقيَ بآلةٍ وتكلفة، على أن تُخرج الزكاة من نفس المحصول، ويجوز إخراجها نقدًا بقيمتها يوم الحصاد لتيسير النفع على المستحقين.
وفيما يتعلق بخصم الديون أو تكاليف الزراعة قبل إخراج الزكاة، أشارت الدار إلى أن بعض الفقهاء أجازوا خصم ديون الزراعة دون غيرها، بينما رأى آخرون جواز خصم جميع الديون، إلا أن الرأي الأرجح والأقرب لمقاصد الشريعة –وهو ما عليه الفتوى– أن الزكاة تُخرج قبل خصم الديون مطلقًا، لأن الشرع راعى التكاليف حين فرّق بين ما سُقيَ بكلفة وما سُقيَ بغيرها، فلو جاز الخصم لما كان لهذا التفريق معنى.
وحول من تجب عليه الزكاة في الأرض المؤجرة، أوضحت دار الإفتاء أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، والصاحبين من الحنفية، يرون أن الزكاة واجبة على المستأجر؛ لأنه هو المالك الفعلي للزرع والمنتفع الحقيقي بالأرض، مستشهدين بقوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ».
وأضافت أن هذا هو المعمول به في الفتوى المصرية؛ إذ إن المستأجر هو الذي يزرع ويحصد ويملك المحصول، فكانت الزكاة واجبة عليه دون المالك الذي يتقاضى الأجرة فقط.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن إخراج الزكاة نقدًا جائز شرعًا بقيمة سعر المحصول يوم الحصاد، وأن هذه المسائل محل خلافٍ فقهي واسع، لا ينبغي أن تكون موضع إنكار أو نزاع، لأن الخلاف فيها مما وسع فيه السلف الصالح، داعيةً المزكّين إلى الحرص على أداء الزكاة في وقتها وبالوجه الذي يحقق مصالح الفقراء والمحتاجين امتثالًا لأمر الله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103].




