ما حكم العدول عن الوعد بالبيع بعد تمام الاتفاق؟.. دار الإفتاء تجيب
أكدت دار الإفتاء أن العدول عن الوعد بالبيع بعد الاتفاق على جميع تفاصيل العقد لا يجوز شرعًا، ويُعد إخلالًا بالالتزام الواجب الوفاء به، إذا كان هذا الوعد قد استوفى شروطه وتوافرت فيه نية الالتزام والرضا بين الطرفين، خاصة إذا ترتب عليه تصرفات مالية أو التزامات من جانب الموعود له.
حكم العدول عن الوعد بالبيع بعد تمام الاتفاق؟
جاء ذلك ردًّا على سؤال ورد إلى دار الإفتاء من أحد المواطنين، أوضح فيه أنه عرض منزله للبيع، واتفـق مع أحد الأشخاص على بيعه له مقابل مبلغ معين، وتم تحديد موعد لإتمام البيع وتوثيقه، إلا أنه قبل تنفيذ الاتفاق طلب أحد أقاربه شراء المنزل نفسه، فسأل عن جواز العدول عن وعده الأول وبيع العقار لقريبه.
وأوضحت دار الإفتاء أن ما تم بين السائل والمشتري الأول من وعد بالبيع واتفاق على السعر وميعاد إتمام العقد ونقل الملكية، يُعد وعدًا ملزمًا يجب الوفاء به شرعًا، ولا يجوز الرجوع عنه إلا برضا الطرفين، لأن في العدول عن هذا الوعد ضررًا بيّنًا يلحق بالمشتري الذي تصرف بناءً على الاتفاق، كقيامه ببيع أرض يمتلكها لتوفير ثمن المنزل.
وبيّنت الدار أن عقد البيع من العقود المشروعة في الشريعة الإسلامية، متى استوفى أركانه وشروطه وخلا من الموانع الشرعية كالغش أو التدليس أو الضرر، مشيرةً إلى أن الوعد بالبيع يُعد في كثير من الحالات بمثابة عقد تمهيدي مُلزِم إذا اشتمل على جميع المسائل الجوهرية التي لا يُحتاج إلى إعادة التفاوض بشأنها عند إبرام العقد النهائي.
وأكدت الفتوى أن الوفاء بالوعد من مكارم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، وهو من صفات المؤمنين التي امتدحها الله تعالى في قوله: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾، كما قال سبحانه: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾، موضحة أن نقض الوعد بعد ترتب آثار عليه يُعد نوعًا من الإضرار بالغير الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا ضرر ولا ضرار».
وأضافت دار الإفتاء أن فقهاء المذاهب الأربعة أقرّوا لزوم الوفاء بالوعد في حال اقترانه بمعنى الالتزام أو التعليق بسببٍ يترتب عليه تصرف من الموعود له، مشيرةً إلى أن هذا المبدأ أقرّه أيضًا القانون المدني المصري في مادتيه (101) و(102)، واللتين نصّتا على إلزام الواعد بإتمام العقد إذا توافرت شروطه الأساسية، ويجوز للقضاء أن يحكم بنفاذ العقد في حال نكول أحد الطرفين عنه.
وختمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن السائل يجب عليه الوفاء بوعده للمشتري الأول وعدم بيع المنزل لغيره، رفعًا للضرر وتحقيقًا للعدل، إلا إذا اتفق الطرفان برضاهما على عدم إتمام البيع، ففي هذه الحالة لا حرج شرعًا في البيع لقريبه.



