حكم تدخين السجائر الإلكترونية.. دار الإفتاء: يجوز في حالة واحدة فقط وبشروط

مع تطور الأساليب التكنولوجية في التدخين ومع انتشار السجائر الإلكترونية بين الكثير من الشباب يتساءل العديد منهم عن حكم تدخينها ظنا منهم أنها أقل ضررًا من السجائر العادية.
حكم تدخين السجائر الإلكترونية
من جانبها أكدت دار الإفتاء أن التدخين بجميع أنواعه محرم شرعًا لما يترتب عليه من أضرار بالغة على صحة الإنسان وماله وبيئته، مشيرة إلى أن الحكم الشرعي في السجائر الإلكترونية يتوقف على مدى الضرر الناتج عنها مقارنة بالسجائر التقليدية. فإذا ثبت أن ضررها أكبر أو مساوٍ للسجائر العادية فهي ممنوعة شرعًا، أما إذا كان ضررها أقل وتُستخدم بغرض العلاج والإقلاع عن التدخين، فيجوز استعمالها بضوابط محددة وتحت إشراف الأطباء المختصين.
وأوضحت دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد، وأن من مقاصدها الكبرى حفظ النفس وصيانتها من الهلاك، مستشهدة بقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].
وأشارت إلى أن التدخين من أخطر العادات التي تضر بالصحة العامة، حيث أثبتت الدراسات الطبية أنه سبب رئيسي لعدد كبير من الأمراض الخطيرة مثل سرطان الرئة، وانتفاخ الرئة، وأمراض القلب والشرايين، والالتهابات المزمنة، والإجهاض، والوفاة المبكرة، فضلًا عن الأضرار المالية والاجتماعية.
وأضافت الدار أن السجائر الإلكترونية – على الرغم من اختلاف أشكالها وأنواعها – تعمل غالبًا ببطاريات كهربائية وتنتج بخارًا يحتوي على مواد كيميائية، وقد يُضاف إليها في بعض الأنواع كحول أو مواد محرمة، وهو ما يجعلها ممنوعة قطعًا في حال احتوائها على تلك المواد أو تسببها في ضرر مماثل للتدخين التقليدي.
وفي المقابل، بيّنت دار الإفتاء أن استخدام السجائر الإلكترونية يجوز في حال ثبوت فائدتها العلاجية، بشرط أن يُوصي بها الأطباء المتخصصون كوسيلة للإقلاع عن التدخين نهائيًّا، وألا تُستعمل إلا تحت رقابة طبية دقيقة، لأن الأصل في العلاج أن يكون بما هو مباح وآمن، ولا يجوز اللجوء إلى المحرم إلا عند الضرورة، استنادًا إلى قاعدة: "من ابتُلي ببلِيَّتين اختار أهونَهما".
كما أشارت الدار إلى أن الفقهاء أجازوا التداوي بالمحرم عند الضرورة، إذا قرر الطبيب الثقة أنه لا بديل عنه وله أثر علاجي حقيقي، قياسًا على ما ورد في كتب الفقه من جواز التداوي بالمواد المحرمة في حال انعدام البديل المباح، مستدلة بقول الإمام الزيلعي والإمام الماوردي وغيرهما من العلماء.
وأكدت دار الإفتاء أن القواعد الشرعية المستقرة تنص على أن الضرر يزال، وأنه "إذا تعارض ضرران رُفع الأشد بارتكاب الأخف"، وهو ما ينطبق على حالة المدخنين الذين لا يستطيعون التوقف عن التدخين إلا باستخدام بدائل أقل ضررًا تحت إشراف طبي، فيكون اللجوء إليها جائزًا من باب العلاج لا من باب الترف أو التقليد.
واختتمت دار الإفتاء بالتنبيه إلى أن السجائر الإلكترونية ليست حلاً مطلقًا، ولا ينبغي استخدامها دون استشارة أهل الاختصاص، وأن الواجب على المسلم أن يسعى بصدق إلى الإقلاع الكامل عن كل ما يضر بدنه وماله، امتثالًا لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].