ما حكم تحديد جنس الجنين؟.. دار الإفتاء تحد الشروط والضوابط

يتساءل الكثير من المسلمين عن حكم تحديد جنس الجنين بالأساليب العلمية الحديثة لدى الأطباء؟ وهل في ذلك اعتراض على إرادة الله سبحانه وتعالى؟
حكم تحديد جنس الجنين
من جانبها أكدت دار الإفتاء أنه لا حرج شرعًا في التدخل الطبي لتحديد جنس الجنين، إذا وُجدت دوافع أو أسباب تستدعي ذلك، سواء لتجنب أمراض وراثية تصيب أحد الجنسين دون الآخر، أو لرغبة الزوجين في تحقيق التوازن الأسري، بشرط أن يتم الأمر في إطار فردي وليس على نطاق جماعي، وتحت إشراف الأطباء المتخصصين، ودون أن يترتب على ذلك أي ضرر بالمولود أو بالأم.
وأوضحت أن تحديد جنس الجنين لا يُعدّ اعتراضًا على إرادة الله تعالى أو مشيئته، بل هو من باب الأخذ بالأسباب المشروعة التي أذن الشرع بها، شأنه في ذلك شأن سائر الوسائل الطبية والعلاجية التي يسعى بها الإنسان لتحقيق منفعة مشروعة أو درء مفسدة محتملة، مؤكدة أن النتائج لا تتحقق إلا بمشيئة الله عز وجل، وأن الأسباب لا تستقل بالتأثير بذاتها، بل تقع بتقدير الله تعالى وإرادته.
وأضافت دار الإفتاء أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم، مشيرة إلى أن التطور الطبي الحديث مكَّن الأطباء من استخدام وسائل متعددة لتحديد جنس الجنين، سواء عبر فصل الحيوانات المنوية المسؤولة عن الذكورة أو الأنوثة، أو من خلال التلقيح الصناعي في المختبر، ثم إعادة البويضة المخصبة إلى رحم الزوجة، ما دام ذلك يتم دون خلط للأنساب أو استخدام مواد تخص غير الزوجين.
وشدّدت الدار على أن هذا التدخل لا يتعارض مع الإيمان بالقضاء والقدر، إذ إن الله سبحانه هو الخالق والمدبّر لكل شيء، وأن الأخذ بالأسباب لا ينفي التوكل على الله، بل هو من صميمه، مستشهدة بقوله تعالى: ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: 49]، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين أجاز العزل، وبيّن أنه لا ينافي قدرة الله بقوله: «اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها».
كما بيّنت دار الإفتاء أن جواز تحديد الجنس مشروط بعدة ضوابط شرعية، أبرزها:
- ألا يترتب على العملية ضرر صحي أو نفسي على الأم أو الجنين.
- أن تتم الإجراءات الطبية تحت إشراف متخصصين موثوقين.
- ألا تتحول هذه الممارسة إلى ظاهرة عامة تؤدي إلى اختلال التوازن بين الذكور والإناث في المجتمع.
واختتمت دار الإفتاء بالتأكيد على أن الغاية من هذه الوسائل يجب أن تكون مشروعة، وأنها لا تخرج عن نطاق الأسباب التي خلقها الله وسخّرها للإنسان، مشددة على أن تحديد جنس الجنين لا يمثل تحديًا للمشيئة الإلهية، بل هو تصرف في إطار ما أذن الله به من تسخير الأسباب في ضوء الضوابط الأخلاقية والشرعية التي تحفظ كرامة الإنسان وتوازن المجتمع.